تبلور القواعد المقترحة والمرتبطة بتأسيس شركة سعودية «لإعادة التمويل العقاري» خطوة مهمة في ترسيخ دعائم إنشاء سوق ثانوية في الرهن العقاري. وفي حين ستتمسك الحكومة بحصة أغلبية في تلك الشركة المهمة للاقتصاد الوطني, فإن القراءة الأولية للمقترحات توضح بشكل غير مباشر أن النسبة التي سيتم طرحها للاكتتاب العام ستبلغ 19%. حيث ستصل حصة صندوق الاستثمارات العامة إلى 51% في حين أن شركات التمويل العقاري سيسمح لها بتملك حصص لن تزيد مجتمعه عن 30 في المئة. تضع السعودية اللبنات الأولى لقيام سوق ثانوية لأصول الرهن العقاري الإسلامي. والسوق الثانوية هذه «مرحلة ضخمة» بحد ذاتها لا يعرف أهميتها إلا أولئك المتمرسون في هيكلة منتجات أسواق المال. وهذه الخطوه قد تعيد إلى الحياة للأسواق الثانوية «الميتة» للصكوك وكذلك الإذن بميلاد نوع آخر من الأدوات المالية وهو «التصكيك أو التوريق» (securitization ). بالأمس القريب تم إماطة اللثام عن مشروع اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري. وقبل الخوض في تفاصيله, دعونا نذكر ملامح المرحلة القادمة التي ستأتي مع إقرار هذه اللائحة التفيذية وانعكاساتها على القطاع البنكي والعقاري. مما لا شك فيه أن قانون التمويل العقاري سيشكل حافزا كبيرا على تنمية سوق السندات المحلية حيث ستصدر شركة إعادة التمويل العقاري التي ستنشئها الحكومة صكوكا لتدبير التمويل. أي أنه بعد توقيع عقد الرهن العقاري مع المستهلك, يتم جمع هذه العقود وإصدار صكوك قائمة على أصول تلك الرهونات العقارية. وهنا سيتم بيع هذه الأدوات المالية للبنوك وصناديق التقاعد وربما شركات أجنبية. وهذا الأمر سيتيح للسوق الثانوية للمقرضين توزيع المخاطر والاستفاده من مصادر تمويل جديدة. وهذا يشابه ما تقوم به شركة فاني ماي الأمريكية التي تشتري القروض العقارية من المؤسسات المالية وتساعد في تطوير السوق الثانوية. حصص الملكية وبالاطلاع على مشروع اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري وبالتحديد المادة 19 المتعلقة بالإشراف على شركة إعادة التمويل العقاري, فإن نشاطها سيقتصر على نشاط واحد لا غير وهو إعادة التمويل العقاري فقط. وتلمح اللائحة التنفيذية إلى أنه من الممكن أن تكون هناك أكثر من شركة لإعادة التمويل العقاري ولكن صندوق الاستثمارات العامة التابع لوزارة المالية سكون له حصة الأغلبية. مع العلم أن رأسمال شركة إعادة التمويل العقاري لن يقل عن ملياري ريال سعودي. والقطاع الخاص «العقاري» سيشارك بملكية 30% من الشركة. أي أن الحكومة تستهدف فئة معينة من المساهمين وهم شركات التمويل العقاري وهم الشركات المرخص لها بمزاولة نشاط التمويل العقاري. ويبدو لي أن شركات «التمويل العقاري» القادمة من القطاع الخاص لن تكون مساهما مؤسسا «للشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري». بمعنى أنهم لن يشتروا أسهم هذه الشركة بالقيمة الإسمية ولكن بالقيمة السوقية وقد يكون ذلك بعد 5 سنوات من قيام الشركة. الأمر الذي سيرفع تكلفة الاستحواذ على الملاك الجدد. تقول المادة 20 حول ذلك: «بعد استيفاء المتطلبات الإشرافية والحصول على موافقة مؤسسة النقد العربي السعودي, لشركات التمويل العقاري تملك أسهم مصدرة حديثا في شركة إعادة التمويل العقاري بقيمة سوقية عادلة, على ألا يتجاوز إجمالي الأسهم التي تملكها شركات التمويل العقاري نسبة 30% من إجمالي أسهم شركة إعادة التمويل العقاري توزع بينهم بالتساوي, وذلك في التاريخ الذي تحقق فيه أنشطة سوق التمويل العقاري استقرار وفق ما تقرره المؤسسة (أي مؤسسة النقد) أو مضي خمس سنوات على تأسيس شركة إعادة التمويل العقاري أيهما أبعد». الاكتتاب العام وبالعودة للحصة المسيطرة لصندوق الاستثمارات العامة فإنها ستبلغ 51% بشركة إعادة التمويل العقاري. وهذا يعني أن الصندوق سيتخلى عن 19% من أسهم الشركة (القطاع الخاص سيملك 30%). تقول المادة (20) المتعلقة بالتأسيس والشكل القانوني: «بعد استيفاء ما ورد في الفقرة (3) من هذه المادة, و الحصول على موافقة مسبقة مكتوبة من مؤسسة (النقد) لشركة إعادة التمويل العقاري طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام وفق أحكام نظام السوق المالية». -------------------- *مراقب ومدقق شرعي معتمد من (AAOIFI) ومتخصص في هيكلة الصكوك وخبير مالية إسلامية لمجموعة «ادكوم آكادمي» المصرفية في الولاياتالمتحدةالأمريكية.