الحمد لله الذي كتب على نفسه البقاء وعلى عبده الفناء، وأشكره على قضائه وقدره، حيث ودعت فلذة كبدي الابن البار بوالديه (خالد عبدالله محمد انقز العسيري) الذي انتقل إلى جوار ربه عزَّ وجلَّ. أن الموت حق جعله الله نهاية كل حي في دار الفناء مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} وقال أيضاً: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. بم أرثيك وقد فجعت لفقدك وفراقك الذي أدمى القلوب وأدمع العيون وأحزن النفوس، وألقى بظلاله القاتمة على ساحة محبيك، لقد غادرت الحياة الدنيا وفارقت الأحبة إلى رحمة الله تعالى، وافاك الأجل المحتوم وألسنتنا ما فتئت تلهج وتبتهل، بالدعاء إلى الله تعالى أن يجعل ما أصابك في ميزان حسناتك وأن يغفر لك ذنوبك لأنك قد استوفيت الأجل فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها. إن فراقك أليم علينا وعلى محبيك فأنت في السويداء من القلب وحبك وكل ذكرى من ذكراك محفورة في الأذهان والقلوب. وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزونون ولكننا ما نقول إلا ما يرضي ربنا (لله ما أعطى ولله ما أخذ وكل شيء عنده بأجل) مؤمنين بقضاء الله وقدره راجين أجر الصابرين {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}. إن المصيبة بفقدك كبيرة ولكننا لا نملك أمامها إلا أن نقول إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ امتثالاً لقوله تعالى وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ . لقد وافتك المنية وعادت روحك إلى بارئها، متضرعين للمولى القدير أن تكون ممن يبشّرهم الله في محكم تنزيله بقوله تعالى: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي . ابني البار بوالديه كنت أقرأ في عينيك معاني ومشاعر الرضا والفخر والاعتزاز، لقد رحلت وقلوبنا معك فكيف لا ترحل القلوب مع الرجل الذي زرع حبه في قلوب الآخرين من الناس الأقرباء والأصدقاء وغيرهم فقد كانت مكانتك كبيرة لدى الجميع وكنت في عملك مثالاً يُحتذى به في الجود والكرم والعطاء الذي ليس له حدود، فأفعالك الخيرية تشهد عليك من خلال تواضعك الجم وتعاملك الحسن وأسلوبك الإنساني الراقي. لقد رحلت بعدما أعطيت الناس منازلهم صغيراً كان أو كبيراً فاتصفت بحبك للناس وانعكست هذه الصفات بحب الناس لك ورأينا هذا الحب واضحاً وجلياً في جنازتك عندما صلى عليك محبوك في مسجد الراجحي بأبها ممن شيّعوا جنازتك من المسجد حتى المقبرة وممن أتى ليقدّم واجب العزاء في وفاتك. اللهم ارحمه رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناتك جنة النعيم واجعل قبره روضة من رياض الجنة. والدك المكلوم/ عبدالله محمد انقز العسيري