قال تعالى (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) رضينا بالله رباً.. وبالإسلام ديناً.. وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.. أقولها إيماناً بالله وتصديقاً بكتابه.. واتباعاً لسنة نبيه.. وصبراً وتجلداً واحتساباً بما قسم الله. عزاؤنا فيك يا والدي قول الحق وقوله الحق (إن الموت حق) وقوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) أنتم السابقون ونحن إن شاء الله بكم لاحقون وأرجو الله تعالى أن يكون لحاقنا بكم على الشهادتين وأن يجعل خير عمرنا آخره.. وخير عملنا خواتمه وخير أيامنا يوم لقاء ربنا. عزاؤنا فيك يا والدي ذكراك الطيبة.. وحبك الكبير.. وعطفك الحنون.. وسماحتك العالية.. ووفاؤك العظيم مع الأسرة الكريمة.. ومحبيك المخلصين الذين ترجموا مشاعرهم الرقيقة.. وأحاسيسهم الرفيعة.. ووفاءهم بوفائك بعد رحيلك عنهم ذلك الجمع الكبير في المسجد وإلى مثواك الأخير.. جاءوا قاصدين وفاءً بوفاء.. بعد أن ذرفوا الدمع السخي ألماً وحزناً على فراقك ليس اعتراضاً على قدر الله فهذه سنة الله في خلقه.. قال تعالى (إنك ميت وإنهم ميتون) لكن أسفاً وحزناً على فقد عزيز غال يشهدوا له بنبل الخلق.. ونقاوة الضمير.. وطهارة القلب.. وصلة الرحم. إليك مني يا والدي تحية ملؤها الإيمان بالله وبقضائه وقدره.. إليك مني يا أعز أب حقق لذريته كل شيء ولم يحقق لنفسه شيء سوى بذور المحبة والألفة.. والأخوة الصادقة. إليك مني يا من امتحنه الله بمعاناة دامت لأكثر من ستة أشهر كنت خلالها صابراً محتسباً مردداً إن الله إذا أحب عبداً ابتلاه حتى أن اختارك مولاك طاهراً مستقبلاً القبلة تؤدي فريضة صلاة العشاء بإيماءات بيديك.. وبحركات شفتيك.. بعد أن طلبت ممن عندك القراءة عليك. إن ذكراك يا والدي ستظل باقية ما بقيت النفوس العالية.. ستظل عاطرة معطرة من قلوبنا.. ستظل في ينبوع معينك الأصيل وفي وفائك وصلتك.. ستظل خالدة في عقبك الحاضر والمستقبل سيبقى طريقاً ونهجاً نتوارثه نحو الخير والمحبة.. سنكون بإذن الله خير خلف لخير سلف. قرّ عيناً يا والدي بإذن الله وأنت في تربتك بصلاحهم وفلاحهم وتلاحمهم وحب بعضهم لبعض كما رسخته فيهم. فقيدنا الغالي.. والدنا الحنون.. مربينا الكبير عشت حياة كريمة.. دمت كريماً عفيفاً.. عشت محباً ومت محبوباً معززاً مكرماً.. عشت ودمت في قلوب أبنائك وأحفادك ذكوراً وإناثاً.. عشت ودمت وعاشت ذكراك عالقة في أذهان الجميع.. عشت يا والدي وكنت نعم القدوة الحسنة.. عشت وكنت المربي والموجه.. عشت وكنت نعم الابن البار لوالديك.. عشت وكنت نعم الأخ.. نعم الصديق.. نعم الرفيق. وبعد أن مت يا والدي حسن يا أبا عبدالرحمن كنت وستكون مشعلاً يضيء لنا الدروب.. يضيء لكل من عرفك ومن لم يعرف عنك إلا الذكر الطيب.. من أحببته وأحبك.. نعم أقولها مت يا والدي وستكون صفاتك الحميدة.. وخصالك النبيلة نبراساً يضيء لنا الطريق.. ورهينة في قلوبنا سنسير على هديها بإذن الله.. سنورثها لأجيالنا الحاضرة والقادمة.. نعم مت يا والدي وأنت قرير العين بأن ذكراك وأفعالك الخالدة ستبقى مدى الدهر. وأخيراً عشت كريماً ومت كريماً.. لا أقول لك وداعاً بل إلى لقاء (ان شاء الله) في جنة عرضها كعرض السموات والأرض أعدت للمتقين.. إنا لله وإنا إليه راجعون، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. ابنكم المطيع