محمود أحمدي نجاد، الذي قاد الحرس الثوري الإيراني، بأوامر علي خامنئي، عمليات تزوير انتخابه رئيساً، في العام 2009م، يتهم قادة الحرس الثوري، ورئيس مجلس الشورى، علي لاريجاني، بأنهم يحمون ويقودون حفنة من الفاسدين، اقتصادياً ومالياً. وهو بذلك يُشير بإصبع الاتهام، في الوقت نفسه، إلى «وليّه الفقيه» علي خامنئي، لأنّ علي لاريجاني هو مرشحه لرئاسة الجمهورية في انتخابات 2013 م. ديبلوماسيون عريقون في العاصمة الفرنسية يتوقعون تفاقم الصراع الشرس، السرِّي منه والعلني، بين فريق ما درج على تسميته بالفريق المحافظ (أي بين خامنئي ونجاد)، ليبلغ ذروته الصاعقة في شهر تموز - يوليو 2013 م، موعد انتخابات رئيس الجمهورية. يلفت هؤلاء الديبلوماسيون إلى أنّ هذا الصراع الإيراني - الإيراني هو مرآة مُصغّرة أولية للتطوّرات الدولية المتسارعة، بعضها يحمل مخاطر حقيقية، بشأن برنامج إيران النووي، ويُحذرون من أنه في حال امتلكت إيران القنبلة النووية، فإنّ أسعار البنزين سترتفع في العالم، علاوة على الزيادة الحالية، بنسبة 25 بالمائة، فيما سترتفع أسعار النفط العالمية بنسبة خمسين بالمائة، لحظة تُقرر دول الخليج العربي الانضمام إلى النادي النووي. يتخوّف الديبلوماسيون أولئك من تعرّض أسواق البترول إلى خطر جيواستراتيجي كبير في إمدادات النفط، ساعة امتلاك إيران القنبلة النووية، ما يُكبد الولاياتالمتحدة، مبدئياً وعلى سبيل المثال، خسائر مقدارها 130 مليار دولار، سنوياً، إذا ما ارتفع سعر البرميل 20 دولاراً فقط. لكن أولئك الديبلوماسيين الذين لا يخفون تشاؤمهم من مخاطر اليوم التالي لامتلاك إيران القنبلة النووية، لم يترددوا في القول إنه بصرف النظر عن هوية الفائز في انتخابات الرئاسة الأمريكية، فالمحادثات المباشرة بين واشنطنوطهران «قد تكون حتمية!»، رغم إصرار إدارة أوباما، على نفي مضمون تقارير إعلامية أمريكية في هذا الشأن، و»إنكار» طهران رغبتها في الحوار. يعزو هؤلاء الديبلوماسيون النفي الأمريكي والإنكار الإيراني، إلى أنّ أوباما ورومني أعلنا رغبتهما في تجنُّب تورّط أمريكي جديد، وخلال عقد واحد من الزمن، في حرب ثالثة مع بلد مسلم، أي بعد حربيْ أفغانستان والعراق. يُحيلنا أولئك الديبلوماسيون إلى تصريحات (نيكولاس بيرنز)، المسؤول السابق عن الملف الإيراني في وزارة الخارجية إبان عهد جورج بوش الابن، التي حذّر فيها من أنّ الوضع بين واشنطنوطهران يُشبه أزمة الصواريخ الكوبية العام 1969 م. نصح (بيرنز) أمريكا، «بفتح قناة حوار مباشر، وتقديم مقترحات خلاّقة، وانتزاع زمام الملف من إسرائيل، مع ضمان مصالح تل أبيب، في الوقت عينه». إذا كان ذلك، كله أو بعضه صحيحاً، ماذا تجني أمريكا من التعامل مع العالم من «ثقب» الباب الإيراني، ثم ألا يعني ذلك أنّ السياسة الأمريكية تعاني من اختلال في توازنات القوة، ومن خلط سيريالي بين الفكر البراغماتي والفكر السطحي؟. [email protected]