الذين يضعون العراقيل أمام الثورة السورية ويقدِّمون كلَّ أنواع الدعم للنظام السوري الذي امتهن قتل شعبه، وحتى الذين يؤيدون الثورة السورية إلا أنهم يحجمون عن تزويد الثوار بالسلاح، يتفقون جميعهم على ضرورة منع تنظيم القاعدة من الاستفادة من انفلات الأوضاع في سورية والدخول في هذا البلد الذي أصبح ساحة مفتوحة للمقاتلين. وبما أن تنظيم القاعدة ومقاتليه لا ينتظرون دعوة لاستغلال مثل هذا الوضع في سورية للمشاركة في العمليات القتالية، فهم حتى وإن لم يُرحب بهم إلا أنهم بارعون في استغلال مثل هذه الظروف للحضور، بل والظهور بفعالية على مسرح العمليات والإيحاء بأنهم عنصر فاعل ومؤثر. حتى الآن لا يشكِّل تنظيم القاعدة ثقلاً، ولا يلحظ لعناصره وجود كبير، رغم أن كثيراً من المقاتلين السوريين والعرب ومن جنسيات أخرى يشاركون في العمليات القتالية إلى جانب الثوار السوريين، إلا أن ذلك لا يشكِّل حضوراً كثيفاً، إذ ينحصر في تطوع بعض «المجاهدين» والذين ليس بالضرورة من أعضاء تنظيم القاعدة، إلا أن هذا الوجود لن يظل على حاله خصوصاً إذا طال أمد الأزمة السورية، فالمعروف أن تنظيم القاعدة مثل كل «التنظيمات الجهادية» يستثمر الأوضاع غير المستقرة والانفلات الأمني، لينشر أنصاره والقيام بعمليات «إعلامية» للتدليل على وجوده والتي لا تتناسب مع قوته على الأرض. إذ تكفي خلية من القاعدة أو مجموعة من المقاتلين من تنفيذ عملية انتحارية للحديث مطولاً عن القاعدة ووجودها على الأرض السورية. إلا أن الذي يجب التنبيه إليه، هو أنه كلما طالت الأزمة السورية زاد وكَبُرَ وجود أنصار القاعدة في سورية الذين يستطيعون الاستفادة من الأوضاع الحالية، حيث إنهم بارعون في استغلال حاجة الثوار إلى خبراتهم في تنفيذ العمليات الجريئة ومدِّهم بمقاتلين ينفذون ما يُطلب منهم دون تردد. وهكذا، فالذي يؤكده جميع الخبراء والمختصين أن «لعبة الوقت» وإشغال الفراغ السياسي الذي تشهده الأزمة السورية باللقاءات والمؤتمرات وزيارات المبعوثين تَصُبُّ في خانة دعم القاعدة ومشروع وجودها في سورية، ولهذا فإنَّ الذين لا يريدون للقاعدة وجوداً في سورية وفي المنطقة، والذين يحاربون الإرهاب فعلاً، عليهم أن يبادروا بصدق وبفعل جاد لحل الأزمة السورية، حلاً منصفاً يستند على مساندة الشعب السوري في ثورته العادلة، ومساعدة الثوار في إتمام عملية التغيير الذي يوفر للشعب السوري الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والاستقرار. [email protected]