التحذير الذي أطلقه أمين عام الأممالمتحدة من أن يؤدي استمرار الأزمة السورية إلى اندلاع حرب إقليمية في الشرق الأوسط لم يأت من فراغ، وكلام الأمين العام ليس للتهويل، بل هو قراءة مبنية على معلومات يعرفها بان كي مون أكثر من غيره، وهو تخوف وقلق تشاطره الدول المجاورة لسورية التي تشهد حدودها اشتباكات شبه يومية. المختصون في الرصد الدولي سواء في الشأن العسكري أو الإستراتيجي والسياسي لاحظوا تصاعداً في الاشتباكات الحدودية في الآونة الأخيرة، وأن هناك توجهاً لدى النظام السوري إلى تصدير أزمته إلى دول الجوار، ظناً منه أن توسيع مسرح العمليات سيخفف الضغط على قوات النظام وأجهزة الأمن مما يجعلها قادرة على إجهاض الثورة السورية، فضلاً عن أن توسيع دائرة الاشتباكات والعنف والحرب سيجعل من سورية جزءاً من مشكلة كبرى. ويرى كثير من المختصين أن جهود النظام السوري والذين يدعمونه في استمرار الأزمة السورية وازدياد عمليات القتل اليومي وامتدادات هذه الأزمة نحو دول الجوار نتيجة ارتباطات الأطراف السورية بجهات إقليمية، وبطول الوقت لا بد وأن يوسع رقعة القتال خاصة وأن القوى الإقليمية ذات العلاقة بالنظام السوري ترى أن بقاء النظام السوري يخدم مصالحها، ولذلك فإنها تعمل على توسيع مسرح العمليات حتى تجعلها أكثر قدرة على المشاركة في هذه العمليات، وأن تصبح هذه المشاركة شرعية كونها تخرج عن النطاق الجغرافي السوري. في المقابل هناك قوى إقليمية تعمل على تعظيم دورها في المنطقة العربية، فكل من إيران وإسرائيل وتركيا والتي أصبح لها دور مباشر فيما يجري في سورية وبالذات إيران التي لها مستشارون وحتى مقاتلون في سورية إضافة إلى دعمها للنظام السوري بشحنات الأسلحة والأموال، في حين تتداخل تركيا فيما يجري في سورية من خلال دعمها للثوار السوريين وتمكينهم من الحصول على دعم ومساعدات الأطراف التي تساند ثورتهم، أما إسرائيل فهي وإن لم تتدخل ميدانياً في سورية إلا أنها تضغط على القوى الدولية وخاصة الغربية حتى لا تساعد الثوار تخوفاً من إنهاء الوضع الأمني على الحدود مع سورية وبالتحديد في الجولان، إلا أنها ومع ذلك تراقب وبدقة فيما يجري في الداخل السوري وتستعد للتدخل إذا ما أصبح أمنها مهدداً..!! هذه القوى الثلاث إضافة إلى الامتدادات السياسية والطائفية للنظام السوري في دول الجوار لا يمكن أن تنتظر طويلاً إذا ما سارت الأحداث ضد مصالح هذه القوى وتلك الامتدادات. والذي يتفق عليه الجميع حتى وإن لم يعلنوا ذلك، أنهم بما فيهم المعارضة السورية وبالذات السياسية ينتظرون ما تسفر عنه انتخابات الرئاسة الأمريكية، التي ستؤثر نتائجها على الوضع النهائي، فإذا ما بقي أوباما فإنَّ التدخل الأمريكي سيكون محدوداً ويتركز على دعم الثوار السوريين لينجزوا ثورتهم بأنفسهم، أما إذا ما جاء ميت رومني فإنَّ احتمالات التدخل العسكري ستتصاعد والذي قد يشعل حرباً إقليمية مصغرة تتورط فيها الدول المجاورة بأدوات ودعم وحتى بتوجيه قوى دولية بعيدة من الإقليم. [email protected]