تتجه الأوضاع في ليبيا إلى الجمود، أو على الأقل الاستمرار في عمليات الكر والفر بين الثوار وقوات العقيد القذافي، فبعد أن خففت قوات حلف الناتو عملياتها القتالية ضد قوات القذافي، والتردد الواضح في تزويد الثوار بالأسلحة بعد تنامي شكوك الدول الغربية حول هوية هؤلاء الثوار والخشية من أن تقع ما يُقَدَّم من أسلحة بيد المتشددين من مقاتلي القاعدة وأنصار حزب الله، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية وحتى فرنسا مترددة في تقديم أسلحة للثوار. وحالياً تناقش مختلف المنظمات الدولية وبعض الوسطاء الدوليين مثل رجب أرودغان وغيره، تناقش سبل تحقيق حلٍّ يعيد الاستقرار لليبيا، ومنع مزيد من تصاعد المعارك والعمليات القتالية. بعض الوسطاء يقترحون وقفاً لكل العمليات القتالية من الأطراف كافة، والبدء في حوار لتشكيل حكومة تخلف نظام العقيد القذافي، وهو ما يطرحه أوردغان. أما بعض السياسيين الغربيين والعسكريين وعلى رأسهم الفرنسيون وبعض دول حلف الناتو، فإنهم يصرون على القيام بعملية عسكرية ضد نظام القذافي بقوات الحلف دون تفويض من الأممالمتحدة. وبديهي أن الأخذ بهذا الاتجاه يؤدي بالضرورة إلى اشتداد المعارك وسقوط عدد كبير من الضحايا من طرفي القتال الليبي سواء الثوار أو القوات الموالية للقذافي، وربما يؤدي إلى حرب أهلية، فالأحداث والمعارك أظهرت أن القذافي لا يزال يحظى بعدد من المؤيدين، كما أنه يمتلك موارد عسكرية أكثر بكثير مما يمتلكه الثوار. وتورط قوات الناتو في دخول حرب برية سيدفع بعض الليبين إلى العودة إلى معسكر القذافي ليس حباً فيه ولكن كرهاً لأي غزو أجنبي. ولذلك فإن العمليات الحربية في ليبيا سواء بالتدخل برياً أو الإبقاء على الإسناد الجوي والبحري سيجعل الأزمة تمتد إلى أمد طويل. ولهذا، وفي ظل الظروف الحالية التي تتسم بالجمود وعدم وضوح الرؤية، فإنه يجب أن تكون الدول العربية حذرة من الدخول في تفاهمات أو إستراتيجيات للعمل ضد ليبيا وتجنب الحلول السريعة التي قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الذي لن يخدم الشعب الليبي الذي يتعرض لإبادة وقتل جماعي سواء من قبل قوات النظام القذافي أو حتى من قوات حلف الناتو التي كثرت أخطاؤها، وهذا ما يتطلب التحرك الجاد ودعم دعوات الحوار وتعزيز دور الأممالمتحدة لوقف إراقة الدماء وتفضيل الحلول السياسية التي قد تخرج ليبيا من دوامة القتال الذي تارة يميل للثوار وتارة أخرى لقوات النظام، والحصيلة سقوط مزيد من الضحايا من الجانبين وكلاهما من الليبين. [email protected]