حتى يفرج الله على الشعب السوري وتنتهي الاستحقاقات التي تكبل إدارات دولية وإقليمية وتمنعها من أداء دورها الأخلاقي والدولي، فإن على الثوار أن يملؤوا الفترة الزمنية من الانتظار بتهيئة الأرض والظروف لتأسيس نظام يلغي الإقصاء والتعصب والطائفية. فالسوريون قبل غيرهم من القوى المتداخلة في الأزمة السورية يعلمون أن عليهم الانتظار على مضض قرابة الخمسين يوماً لتتضح الرؤية في واشنطن ويعرف من سيقود الولاياتالمتحدةالأمريكية، هل يبقى أوباما أربع سنوات أخرى في البيت الأبيض أو يحل بدلاً منه مرشح الحزب الجمهوري ميت رومني، ومع أن الثوار السوريين يعلمون أن وصول رومني أو بقاء أوباما لن يحد من عزمهم على تنظيف بلادهم من حكم الطائفية، لأن من يكون في البيت الأبيض لن يرسل قوات أمريكية تحارب بدلاً منهم، إلا أنهم يعلمون علم اليقين أن ساكن البيت الأبيض سيكون عليه تحريك المياه الراكدة التي ظلت ساكنة حتى يحسم سيد أمريكا خيارات الحلفاء والأعداء معاً، فبالنسبة للحلفاء هناك صفقات ومقايضات، فالحليف الإسرائيلي ليس متحمساً لتغيير نظام ظل مهادناً طوال أكثر من 40 عاماً ولم يعكر هدوء جبهة الجولان رغم كثرة الادعاءات وتوظيفه لمزاعم الممانعة والمقاومة، كما أن التغيرات التي أحدثتها أحداث ما يسمى بالربيع العربي لا تشجع الأمريكيين أن يندفعوا إلى تقديم أسلحة أو دعم عسكري للثوار خوفاً أن تتكرر تجربة ليبيا. الشيء المؤكد الذي يتفق معه جميع المتابعين لتطورات الأزمة السورية، أن حسم الرئاسة الأمريكية سيحدث تغيرات عديدة من أهمها لجم التدخل العسكري الإيراني أياً كان شاغل البيت الأبيض، فإذا أزاح رومني أوباما فلا شك أن الإدارة الأمريكية ستزيد من احتمالات التدخل العسكري سواء بقوات أمريكية أو عن طريق الحلف الأطلسي مع رفع الضغوط على إيران وحكومة نوري المالكي، أما بقاء أوباما فهناك تخوف من أن تعقد الإدارة الأمريكية صفقة إيرانية إسرائيلية لمعالجة أزمة على حساب أخرى، وبالذات فيما يتعلق بالملف النووي والتمدد الإيراني في المنطقة، كأن تغض الإدارة الأمريكية الطرف عن التمدد الإيراني في المنطقة وتجعل من النظام الإيراني اللاعب الإقليمي الرئيس متجاوزة الحليف التركي مقابل إنهاء إيران لبرنامجها النووي العسكري. هذه الصفقة واردة وتحدثت عنها مراكز سياسية وبحثية أمريكية وأوروبية ويعمل الإيرانيون على (الفوز) بها وسبق أن طالبوا بها. أمام هذه المخاطر وحتى لا تصبح الثورة السورية سلعة في مزاد المقايضات الدولية والإقليمية، فإن على السوريين أن يعملوا على أن يكون خيارهم الوحيد هو الاعتماد على قواهم الذاتية والسير على إنجاز ثورتهم بمساعدة الأشقاء العرب وبالتحديد المملكة العربية السعودية وقطر، وأن يكون خيارهم الوحيد هو تصعيد ثورتهم عبر: 1- توحيد تشكيلات الثورة وضم الوحدات والفصائل العسكرية تحت قيادة موحدة. 2 - تشكيل حكومة وطنية من ثوار الداخل والخارج واستبعاد المندسين ممن أوجدهم النظام والبعد عن تبني أجندات خارجية. 3 - إقامة هياكل إدارية في المناطق المحررة وحسن التعامل مع المواطنين بما فيهم الأقليات. 4 - الابتعاد عن طرح المواقف المتشنجة والنأي عن صبغ الثورة بلون طائفي وسياسي واحد. [email protected]