بدأت القوى الدولية والإقليمية تتماهى مع المتغيرات التي تشهدها الساحة السورية، حيث تتفق هذه القوى أن مرحلة ما بعد الأسد قد بدأت، وأنه يجب الإعداد لهذه المرحلة إعداداً جيداً حتى لا تغرق سورية في الفوضى. الآن الاجتماعات السياسية والعسكرية بدأت ومن دون سرية تعقد لإعداد مسرح العمليات للمرحلة الأخيرة لما قبل رحيل بشار الأسد، فبالإضافة إلى الاجتماع العسكري الإستراتيجي الذي عقده الأمريكيون والأتراك، أخذت الأراضي السورية تشهد وجود فرق عسكرية بريطانية وأمريكية وتركية والتي تستهدف تحديد مواقع وجود متقدمة سواء لإقامة أماكن آمنة لاستيعاب المهاجرين السوريين، أو لإنشاء مواقع متقدمة تكون على أهبة الاستعداد لضبط الأوضاع عند سقوط بشار الأسد. هذه المرحلة التي تتسارع سواء من خلال تكثيف اجتماعات التنسيق العسكري وتجميع المعلومات، أو من خلال الاتصالات السياسية بين معسكر دول أصدقاء سورية والثوار السوريين وبالذات القيادة العليا للجيش السوري الحر، والتي ستتبعها مرحلة ما بعد رحيل الأسد. وفي هذا السياق سيشهد الأسبوع الحالي حتى نهاية شهر أغسطس سلسلة اجتماعات دولية مهمة، من أهمها اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي دعت إليه فرنسا التي ترأس المجلس هذا الشهر، والذي دعت إليه وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية إضافة إلى الدول الإقليمية ذات العلاقة بالأزمة. كما سيعقد اجتماع آخر في باريس لبحث تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري الذي يواجه بالإضافة إلى القتل والمجازر المتكررة نقصاً في الغذاء والعلاج. وتسعى فرنسا من وراء هذا الاجتماع الذي دعت إليه تركيا والأردن ولبنان والعراق وهي الدول المجاورة لسوريا والتي تستقبل آلاف اللاجئين وبعضها يعاني من كثافة كبيرة كتركيا التي سيصل اللاجئون السوريون فيها إلى مئة ألف لاجئ، وهو ما يزيد عن طاقتها الاستيعابية، كما تعاني الأردن من مشكلة مماثلة بعد أن زاد عدد اللاجئين وارتفعت إلى أرقام كبيرة، إضافة إلى تدفقهم إلى لبنان رغم عدم اهتمام الحكومة اللبنانية بهم واستهدافهم من حلفاء نظام الأسد، وهو ما يعانيه اللاجئون إلى العراق، الأمر الذي يفرض على المجتمع الدولي إيجاد حلول لهذه المأساة الإنسانية التي جعلت من إقامة أماكن آمنة داخل الأراضي السورية ضرورة حتمية تفرض على القوى الدولية المساعدة في فرض إقامتها لاستيعاب هؤلاء اللاجئين، وهو ما ستسعى فرنسا إلى تحقيقه من خلال حشد الدعم الدولي والإقليمي لتحقيقه. أما اجتماع إيطاليا فسوف يبحث مرحلة ما بعد رحيل الأسد الذي أصبح قناعة تتسع وتزداد الدول التي أصبحت متأكدة منها، ولهذا وحتى الأيام المقبلة فإن المجتمع الدولي يظل منشغلاً بالتعامل مع حقيقة رحيل نظام بشار الأسد بما في ذلك الدول المتحالفة مع هذا النظام المنهار حيث صدرت إشارات عديدة توحي بذلك. [email protected]