إذا أردت أن تعرف مستقبل أمة فانظر إلى حالة أطفالها اليوم لأنهم مستقبلها المنتظر. مقياس صحيح إلى حد كبير، ونقول: إلى حد كبير لأن هنالك أحداثاً كبرى تحدث فتغير أفكار الناس وترفع مستوى الوعي عندهم بصورة مفاجئة لا تخضع لهذا المقياس، ولكن هذا التغير السريع الذي تصنعه الأحداث بإرادة الله وتقديره لا يتحقق إلا بتضحيات بشرية ومالية وأمنية كبيرة كما حدث في سوريا مثلا. ومع ذلك فإن الحالة التربوية والخلقية والثقافية التي يكون عليها أطفال اليوم يمكن أن تعطينا تصوراً عن مستقبل الأمة التي ينتمون إليها، ولهذا كانت تربية الرسول صلى الله عليه وسلم للجيل الصاعد في مراحل نبوته ودعوته كلها تربية إسلامية خلقية عميقة جعلت المسلم يتصدى لأصعب المواقف وأعتاها ويقود الجيوش ويحسن التصرف وهو ابن خمس عشرة أو أقل من ذلك. هنا يبرز الدور الخطير والمسؤولية الجليلة التي تضطلع بها البيوت المسلمة والمساجد والمدارس في هذا الأمر المصيري. إننا نعيش مشكلة كبيرة في النمط التربوي الذي نتبعه في تربية جيلنا الصاعد، فهناك ازدواجية صارخة في هذا النمط وتضارب في أساليب التربية وتناقض كبير بين الجهات المربية؛ فالأسرة المسلمة بطبيعتها تحرص على توجيه أبنائها وبناتها توجيها يتناسب مع المبادئ والقيم التي تؤمن بها الأسرة وذلك عن طريق توجيهات الآباء والأمهات المباشرة ولكن هذا التوجيه المباشر سرعان ما يصطدم مع ما تعرضه شاشات الفضائيات التي تعرض ما لديها بدون حسيب ولا رقيب، فهذه أول حفرة من حفر الازدواجية التي تشوش على الجيل وتصيبه بالاضطراب. لكم أن تتقمصوا نفوس الأطفال وعقولهم الناشئة وهم يرون الآباء والأمهات يتفاعلون مع مادة إعلامية تناقض ما نُصحوا به أولادهم من الحشمة والوقار والرزانة والحياء؛ كيف ستكون تلك النفوس البريئة أمام هذه الحالة؟؟ وقيسوا على هذا عشرات الأمثلة الازدواجية في ميادين التربية في مجتمعاتنا المسلمة. أما وزارات التربية والتعليم فهي أهم الثغرات التربوية على الإطلاق لأنها لم تستوعب خطورة التنقل بين أنماط التربية في العالم لاستنساخها عندنا بحجة نجاحها في بلادها، فمرة نلتفت إلى ألمانيا ومرة إلى اليابان ومرة إلى ماليزيا ومرة إلى أمريكا أو فرنسا فنحدث بذلك اضطرابا تربويا يجعل العملية التربوية في مهب الريح. نحتاج إلى وقفة جادة مع هذا الجانب الخطير حتى نسهم في رسم معالم المستقبل المشرق بإذن الله من خلال بناء عقول الأطفال وشخصياتهم بناء سليما مستقرا منسجما مع تعاليم ديننا الحنيف وقيمنا المبنية عليه. إشارة: والله ما أزرى بأمتنا إلا ازدواج ماله حد