فاصلة: (سواء أطهوت الثلج أو سحقته فلن تحصل على غير الماء)) -حكمة عالمية- في الغربة لديك فرصة حقيقية حين تتعرف على ثقافة مختلفة عن ثقافتك أن تبدأ في التغيير للأفضل. واحدة من أهم السلوكيات اللافتة في الغرب أنهم لا يتدخلون في خصوصية الآخر ولا يشكل الناس لديهم أهمية في تقييم الذات. هذه النقطة بالتحديد كثير من العرب لا يعرف كيف يمارسها مع من حوله فتجده يقول رأيه بشكل انتقادي في ملبسك أو تخصصك الدراسي دون أن تطلب منه ذلك، بينما تلاحظ أن الناس هنا مختلفون إلى الدرجة التي يمكن أن يمر جارك من سور بيتك فلا يطل على نافذتك ليعرف ماذا تفعل في بيتك بينما لا يمكن أن نمنع أنفسنا من النظر إلى نافذة جيراننا سواء من باب الفضول أو الاعتياد على فعل شيء غير مفيد. النقطة الأخرى المتعلقة بعلاقتنا بالناس من حولنا أننا متطرفون في علاقتنا بهم فتجد بعضنا لا يهتم بالناس مطلقا إلى الحد الذي يعزل حياته تماما عنهم في تخطيط منه للحفاظ على خصوصيته، أما البعض الآخر وهو في رأيي الأغلبية يكون الناس مصدر تقييمهم لذواتهم ويسعون دائما إلى أن يكونوا مثاليين في نظر الناس ويهتمون بتقديرهم ويزعجهم انتقاداتهم لهم. هذا النوع يتعب كثيرا في حياته لأنه يحاول دائما إرضاء الناس على حساب نفسه معتقدا بأنه بهذه الطريقة سيحصل على رضا الناس الذي يستهدفه والذي لا يتحقق أبدا. في الغرب الناس لا يجعلون الآخر محور تفكيرهم ولا مصدر قراراتهم، بينما بعضنا يحجم عن قرار معين خوفا من انتقاد الناس وربما كان القرار مصيريا يتعلق بدراسته أو عمله أو تكوينه للأسرة. لماذا في الغرب لا يحدث هذا ولماذا نحن نهتم ونخاف انتقاد الناس؟ ببساطة لأن تشكيل القيم لدينا في مرحلة الطفولة لم يكن مبنيا على معرفة وفكر منفتح تجاه الذات وتجاه الآخر، وتشكيل الضمير لأطفالنا هو الآخر مرتبط بالناس. ولذلك فالأم الغربية تحث طفلها مثلا على عدم تدمير أي من نباتات الحديقة بسبب انه سلوك خاطئ بينما تسأل الأم العربية ابنها عن وجود حارس الحديقة إذا سألها أين يرمي بقايا الأكل مثلا فإذا لم يكن الحارس موجودا أشارت لطفلها أن يرميها في الأرض دون أي إحساس بالمسئولية!! هذا مثال بسيط لكن يقاس عليه كثير من سلوكياتنا التي تسمح لنا الغربة بالتأمل فيها ليصبح الناس اكبر همّنا ولسنا بالتأكيد أكبر همّهم. [email protected]