يتوجب على الجماهير الهلالية أن تشكر فريقها، بل لا بد من المبالغة في شكره وذلك أبسط حقوقه عليهم.. إذ ليس شرطاً أن ترتبط الإشادة بحالات الكسب فقط؟!. موجبات الشكر والإشادة التي أعنيها تتمثل في كون الفريق (الكبير) أبلى بلاءً حسناً في مباراتيه الماضيتين أمام كل من هجر والفتح.. ففي الأولى خرج متعادلاً بشق الأنفس والمباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة وبالتالي أفلت من هزيمة محققة؟!. وفي المباراة الثانية أمام الفتح (استبسل) الفريق الكبير فلم يُمكّن الفريق الفتحاوي من تسجيل نتيجة كبيرة قياساً بالفرص الفتحاوية المهدرة، فضلاً عن الأفضلية الفتحاوية التي تجلت على أدائه على مدار شوطي اللقاء سواء من حيث إجادة التمركز للاعبيه، أو من حيث بناء الهجمات الخاطفة والمركّزة، ناهيك عن الدقّة في التمرير واستغلال المساحات بالشكل الأمثل. نعم يجب شكر الفريق (الكبير) لكونه أفلت من الهزيمة في مباراته الأولى بأعجوبة، وفي المباراة الثانية لم تستقبل شباكه سوى هدفين مع الرأفة؟!. المركز(104)؟! لا يحتاج المرء لكثير عناء كي يقنع نفسه بمنطقية احتلال الأخضر للمرتبة الرابعة بعد المائة في سلم الترتيب العالمي متأخراً كثيراً عن منتخبات للتو بدأت تشق طريقها في عالم المستديرة؟!. بعيداً عن جلد الذات.. وبعيداً عن التشفي.. نحن من صنعنا تعاستنا بأيدينا.. ونحن من يجب أن نحاسب أنفسنا.. وأن نسأل ذاتنا: لماذا توقفنا عند مرحلة معينة ثم ما لبثنا أن بدأنا مشوار التقهقر، وإن شئت فقل: مشوار الانحدار إلى الهاوية؟؟!!. إنه (الغرور) الأجوف الذي عادة ما يكون نتاج سوء الفكر، أو سوء التدبير.. أو هما معاً، وهذه أم المصائب؟!. انظر على ماذا تتنافس أنديتنا؟!. انظر على ماذا يتنافس إعلامنا؟!. انظر على ماذا تتنافس جماهيرنا؟!. انظر إلى ملاعبنا.. انظر إلى المحفزات التي تتبارى الجهات المعنية في توفيرها للجماهير الرياضية كي تكون أكثر تفاعلاً وأكثر إيجابية في دعمها ومؤازرتها سواء لأنديتها أو لمنتخباتها؟!. لقد قالت العرب قديماً: (إنك لا تجني من الشوك العنب). هل يخلُ موسمنا من (الهياط والمهايطية)؟! شيء محير.. فعلى مدى المواسم الماضية.. وفي الوقت الذي تسجل فيه كرتنا بكافة فعالياتها ومستوياتها انحداراً مخيفاً لم يسبق له مثيل حتى في حقبة الهواية والهواة. ظلت (الجلبة والمهايط) سيدة الموقف، كل يغني على ليلاه، وكل يقيس الأمور بمعياره الخاص الذي لا يخرج عادة عن محيط ميوله؟!. القلة القليلة هم من كانوا يتحدثون عن الأوضاع بشيء من الوعي والحكمة والموضوعية بعيداً عن الأهواء وعن التأثر المباشر بما يدور في محيط النادي الضيق؟!. معظم الأطروحات المكتوبة والمرئية تبدأ بالبحث عن الهم العام، ثم ما تلبث أن تعود أدراجها لتتمحور حول الهم الخاص لصاحب الطرح، وحول أمانيه وتطلعاته الميولية؟!. نحن لا نطالب بمصادرة هذا النوع من التناول.. ولكننا نطالب بالترشيد في المسألة.. نطالب بالترشيد في ممارسة الهياط والتباهي الأجوف، نطالب بأن يكون الطرح مواكباً ولو بالحد الأدنى لواقعنا حتى لا تتحول واجهتنا الرياضية إلى ظاهرة صوتية خاوية الفكر والمنطق.. أي مجرد ثرثرة، فيما حال كرتنا العام لا يسر؟!. فهل يشهد موسمنا القادم قدراً من التوازن بين الطرح وواقع الحال، وهل نشهد قدراً من الحد من الاستعانة ببعض الأصوات والوجوه والأقلام الرديئة التي تستمد حضورها من إثارة النعرات الميولية، وبث روح التنافر بين الجماهير إرضاءً لمن يحركها ويقف خلفها، وبخاصة تلك التي أثبتت الأيام استحالة تقويم اعوجاجها؟!. لماذا لا نجرب فرض حالة من الهدوء والتركيز على الأهم من الأمور بدلاً من تسخير قدراتنا الإعلامية الهائلة لممارسة الضجيج والصخب البرامجي بواسطة كل من هب ودب؟!.