من أساليب التعليم السلوكية التي كان يتبعها المعلمون قديما منهج «الترغيب والترهيب»، وفيه تؤسس مبادئ السلوك، وتدرب على الأخذ بما يتلقى من القول، بأدائه فعلا، وتمثله ضميرا، كما تؤديه القدوة التي هي المعلم، كان المعلم في المدرسة، أو الوالد في البيت،.. وتبدأ بأساليب التحدث مع الأكبر، والتلفظ بالعبارات المنتقاة، وكيفية الجلوس، والأكل، والنظافة في الملبس، والصلاة في الوقت، وامتداد لمنهج التفكير، والوعي بما حول الفرد من عادات، وقيم، و.. في هذا المنهج لا تقبل زلات الجوارح، فلا يد تطال على غير حق، ولا عين تزل في غير حد، ولا فكر يزيح عن غير جادة.. هكذا ربى الأقدمون حملة الرسالات الأخلاقية، والسلوكية أجيالا وأجيال،.. ولعل بقية منهم لا تزال باقية.. منهج التعليم والتنشئة بالترغيب في الأخذ، والعمل بما يعي الواحد، من معين من حوله، حتى الجار كان معلما،.. منهجا لا تزال له آثاره الجميلة.. فالضمائر تلك صنعها الترغيب في الفضائل، والترهيب عن الرذائل.. حتى غدت أسسا لا حياد عنها.. وأخلاقا تفوح أعباقها.. لذا شاعت فيهم قيم السلوك ليس الحركي الظاهر، بل السلوك الداخلي لبواطن كانت تدرك معاني ما تفعل.. رغبة لا رهبة في الأمانة مثلا..، والصدق، والنخوة، والإخلاص، والعفة ووو.. بضمائر يقظة، ورغبات عليا، وحدود لا ضابط لها إلا النفس التي تعلمت من صغرها، كيف هي نتائج الرغبة في الأمثل، وما هي أوخام الرغبة في الأدنى... لم يكن هناك ضابط الإعلام الجديد، ولا نوافذ التواصل الحية المنجزة في هذه المرحلة، التي غدت هي المعلم ذو العصا، والمراقب ذو السلطة، تتبع الضمائر، وتكشف فورا رغبات الضمائر التي مر ردح من الزمن، وهي في غي جهل،أو إغواء نفس، فتردت أساليب الأداء في الأعمال، وكثر الراشون، وعمت فوضى السلوك، والفساد في التفاصيل، وضاعت من الحقوق البشرية ما ذهب منها ضحية التفريط في واجبات من لم يربوا على الترغيب في نقاء اليد، والصدر، ولم يدربوا على الوعي بالواجبات، ومتطلباتها نصاعة المسلك.. ترى : ما هو موقف المسؤول الذي كان نائما ضميره، يقظة رغباته الشخصية في المزيد من غير حق له، بالتفريط في أي حق لغيره..؟ ثم لحقته عصا النشر، والتشهير، والمتابعة التي تخرج عن أزرة صغيرة لفضاءات لا أبواب لها، ولا حراس..؟ وما هو من ثم المنهج الذي سيعيد للناس أساليب تربية الظاهر من سلوك الفرد، والباطن فيه..؟ إذ لا يزال الفساد ينخر.. ولا يليق بمن وُليَّ مسؤولية، أن يستيقظ على دوي يشيع عنه فساده،.. ولا أن يتقي ذلك بترميم الصورة على أي نحو ليس فيه من الصدق شيئا.. كيف السبيل لأن يكون الخوف من أي خطأ سلوكي خاص، و عام، رفضا و تجنبا تلقائيا له، ضمن أسس أخلاق الفرد ..، لا أن يكون بدافع ملاحقة الراصدين للأخطاء..، في ضوء المتاح من حريات التعبير، ووسائل المتابعة..؟ عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855