الانتماء للوطن ليس كلاماً مرسلاً على عواهنه وليس كلاماً ننطقه سهلاً وليس حكايات نرويها للأبناء وليس عبارات رنانة نتبادلها في المجالس، وليس تعابير يطلقها كل واحدنا منا من أجل أن يظهر وطنيّته. الوطن أيها الكرام فوق العبارات وفوق الألفاظ وفوق التعابير وفوق التصاريح، الوطن أيها الكرام هو الأساس والمرجعية والانتماء والكيان والأرض والاقتصاد والتنمية وقبل كل ذلك هو الأمن. الانتماء للوطن وادعاء حب الوطن والتغني بالوطن، ليس أقوالاً فقط بل إنه أفعال، وتحتاج إلى تجسيد على أرض الواقع، وليس شعارات يتم استحضارها وقت اللزوم ووقت الحاجة لها. من يحاول أن ينال من وحدة الوطن تحت أي مطلب كان فإنه يحتاج إلى أن يعيد تجديد وطنيته من خلال أفعاله وليس الاكتفاء بالأقوال. الوطن للجميع وليس لطائفة أو إقليم أو منطقة، ومهما كان هناك حقوق ناقصة فإنّ ذلك لا يبرر الانقضاض على وحدة الوطن، لأن وحدة الوطن لا يمكن ان يستأثر بها أحد دون الآخر ويسوغ لنفسه المساس بها تحت أي مبرر. وحدة الوطن تحتاج إلى التكاتف والعمل تحت منظومة ولاية الأمر وأي مساس بأحد هذين العنصرين فإنه مساس بالعنصر الثاني مباشرة، لأنهما عنصران متلازمان لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر. لهذا فإنّ الانتماء للوطن انتماءً حقيقياً لابد أن يلازمه انتماء لولي الأمر أيضا انتماءً حقيقياً، لأنه ليس من المنطق والمعقول المساس بأحدهم بدون المساس بالآخر. وحدة الوطن يترتب عليها وحدة القيادة ولا يمكن أن يكون هناك وطن موحد بدون أن يكون هناك قيادة موحدة أيضا والعكس صحيح تماماً. المطالبة بالحقوق أمر متاح للجميع وبدون استثناء، والحقوق لا يمكن أن تأتي بدون إبداء الاحتياجات والمطالبة بها انطلاقاً من وحدة المجتمع الواحد لأنّ هذه الحقوق لا يمكن فصلها لتصبح حقوقاً «خاصة» لفئة معينة لابد، وإلاّ أصبحت أيضا حقوقاً منقوصة أو أصبحت حقوقاً تعطى على حساب حقوق بقية مكوّنات المجتمع، من هنا فإنّ الحقوق لابد أن تكون حقوقاً عامة للمجتمع تشمل جميع أطياف المجتمع ولا نحصرها في «فئة» معينة، لهذا فإن من يطالب بحقوق «خاصة» ويصرح باستعداء «الخارج» ضد وطنه من أجل تحقيق حقوقه لا يمكن أن يكون لديه انتماء للوطن الذي يعيش فيه وتربى وتعلّم على أرضه ونهل من خيراته. هؤلاء يجب مواجهتهم لأنهم لا يشكِّلون خطراً على الأمن فقط أو على الاقتصاد أو على أي منشط من مناشط الحياة، بل يجب مواجهتهم لأنهم يشكّلون خطراً على كافة أطياف المجتمع مهما كانت توجهاتهم أو أفكارهم أو معتقداتهم، لا يمكن ان يبقى الوطن لقمة «سائغة» لكلِّ مؤدلج فكرياً أو عقائدياً أو تابعاً لتيارات تتعارض مع الوطن، من يطالب بالافصال لجزء من الوطن ومن يستعدي الآخرين على الوطن ومن يرفع أعلام أعداء الوطن ومن يدعم الخارجين على الوطن ومن يثير الضغائن الوطنية لاستجلاب «المظلومية» واستدعاء الصحوة الدينية، لا يمكن ان يبقى ينهش في عضد الوحدة الوطنية. [email protected]