يعد انشقاق مناف مصطفى طلاس الصديق الأقرب لبشار الأسد واللذين تربيا معاً منذ كان الأبوان حافظ الأسد ومصطفى طلاس أكثر من صديقين، ضربة قاصمة جداً لبشار. العميد مناف طلاس قائد اللواء 105 في الحرس الجمهوري كان يُعد أن يكون وزيراً للدفاع وكان الذي يؤخر تنصيبه هو صغر سنه وإن كان ذلك لا يشكل عائقاً لدى نظام غير دستوره ليتجاوز صغر سن بشار لينصبه رئيساً، إلا أن المعلومات تشير إلى أن مناف وبناء على نصيحة من والده اعتذر عن المنصب إلى حين اتضاح الرؤية التي كانت ترجح لدى الوالد المخضرم أن النظام ساقط لا محالة ولا يجب أن يربط الابن مصيره بهذا النظام وأن يتحمل وزر وجرائم الجيش كونه سيكون وزيراً له. المهم أن هروب العميد مناف طلاس إلى فرنسا عبر تركيا يمثل شرخاً كبيراً في تركيبة القيادة العسكرية والحلقة الضيقة المحيطة بالعائلة الحاكمة، فالعميد مناف طلاس يتجاوز رتبته العسكرية «عميد» وقيادته لإحدى تشكيلات الحرس الجمهوري اللواء 105 الذي يعد من أكثر الألوية ولاءً للرئيس ويضم النخبة المنتقاة من العسكريين، ومع هذا فإن العميد مناف طلاس يمثل بعداً آخر لا يخفى على السوريين، فعلاقة بشار الأسد بمناف طلاس تذكر السوريين بعلاقة حافظ الأسد بمصطفى طلاس، بما تمثله من تحالف بين أكبر قيادتين عسكريتين للطائفة العلوية ممثلة بالأسد الأب وللطائفة السنية ممثلة بالعماد مصطفى طلاس والتي استطاع حافظ الأسد تجييرها لصالحه ولصالح العلويين حيث استغل العماد طلاس للدفع بالعديد من الضباط العلويين للقيادات العسكرية، وكان طلاس الأب مطيعاً ومخلصاً بل ومحباً لحافظ الأسد، ومن بعده مخلصاً لأسرة الأسد، فقد كان لدوره تأثير كبير في تنصيب بشار الأسد رئيساً لسوريا إذ كان الصراع كبير وقوي بين كبار الضباط العلويين وكانوا قد اختاروا أحدهم بديلاً لحافظ الأسد، إلا أن مصطفى طلاس الذي كان قد تعهد لحافظ الأسد قبل وفاته بدعم ومساندة ابنه بشار وقف ومن معه من كبار الضباط السنة إلى اختيار بشار الأسد رئيساً لسوريا، وكان مقرر أن يخلف ابنه مناف أباه ويرقى إلى رتبة عماد «فريق أول» بعد فترة من الزمن ليرأس الجناح الآخر المشارك في الحكم، إلا أن حلقة الضباط التنفيذيين العلويين أخذوا يحاصرون مناف ومن معه من الضباط السنة، حيث ذهب منصب وزير الدفاع إلى ضابط مسيحي، ورغم أن علاقة مناف ظلت قوية مع بشار ليس كصديقين بل بمثابة أخوين وكثيراً ما كلفه بمهام خاصإلا أن كل ما يقترحه يفشله العلويون المحيطون ببشار مما جعل مناف يضيق ذرعاً ويلحق بأبيه في باريس في ضربة موجعة لبشار الأسد شخصياً الذي يوازي فقده لمناف فقده لأخيه الحقيقي ماهر، القائد الآخر في الحرس الجمهوري. [email protected]