أحسن الله العزاء وجبر المصاب في فقيد البلاد والأمة العربية والإسلامية نايف الأمن صاحب السمو الملكي الأمير/ نايف بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية -رحمه الله- الذي نعاه أخوه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية- ولم يكن لينعيه إلا لمقداره ومعزته ومكانته الخاصة في قلبه، وليخفف المصاب الجلل على الأمة لفقد هذا الرجل الذي نذر نفسه في خدمة البلاد والعباد من نعومة أظفاره من كل موقع شرف بخدمة الوطن والمواطن من خلاله -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-. رحل نايف الأمن.. فقد كان بتوفيق من الله -سبحانه وتعالى- صمام أمان لهذه البلاد بحكم موقعه كوزير للداخلية، ولحمته الإدارية وقدرته على إدارة المواقف الصعبة التي مرت بها البلاد في مختلف المراحل التي عايشها. ولعل حكمته وحنكته في إدارة خطر الإرهاب وتجفيفه وتقليمه في وضع استراتيجية وطنية لمعالجة هذا الخطر، بالتأسيس له بعبارته التي قال فيها: (هدفنا ليس تشخيص الفكر المنحرف بل وضع تصور لإعادة المنحرفين) لتنطلق كل الأجهزة والجهات منها في التعامل مع أرباب الفكر الضال حتى تم بتوفيق من الله القضاء عليه، وجعل المملكة تتربع مكانة مرموقة في هذا الميدان؛ بل ويجعل العالم يتبنى هذه الرؤية الثاقبة والاستراتيجية الناجعة في التعامل مع كل الحركات المسلحة بالفكر بدلاً من السلاح والقتل والدمار، ليشد العالم بذلك ممثلاً بمجلس الأمن الدولي الذي ثمن الجهود السعودية في تأهيل ومناصحة الموقوفين ودعا إلى تعميم هذه الآلية عالمياً والاستفادة منها، وجهوده -رحمه الله- في التعامل مع أعقد الملفات الأمنية كثيرة وكبيرة ومشهود له في القدرة على حسن التعامل معها محلياً وإقليمياً وعالمياً. رحل نايف الحج... فقد كان بتوفيق من الله -عز وجل- وتد الحج الذي تطمئن وتتكئ عليه كل الأجهزة الأمنية والخدمية في هذه البلاد لخدمة الحجيج ضيوف الرحمن من أكثر من ثلاثة عقود مضت، كان هاجسه الأول حفظ أمن واستقرار الحجيج وراحتهم ليعودوا لأوطانهم -بإذن الله بحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور- ليذهل العالم بأسره بقدرة المملكة على إدارة الحشود في وقت ومكان محدود، وزمن قياسي أذهل القيادات الأمنية والتنظيمية العالمية، لتتحول معه خدمة الحجيج إلى صناعة احترافية في مختلف الخدمات، لتحمل بصمة سعودية خاصة ومتميزة لتكون تلك البصمة شعار موسم حج ناجح بأمن وسلامة وراحة وسعادة لضيوف الرحمن. رحل نايف السنة... فقد وفقه الله -جل في علاه- إلى خدمة السنة النبوية المطهرة والذود عنها، ونشرها وحفظها على المستويين المحلي والدولي، ويكفيك جائزته العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، والجائزة التقديرية لخدمة السنة النبوية، ومسابقة حفظ الحديث الشريف. رحل نايف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... الذي عرفه عنه واشتهر حبه لهذه الشعيرة والذود والدفاع عنها وعن القائمين عليها، ومن أقواله في هذا الميدان: (سنقف مع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سنقف معها وسنعمل من أجلها وسنحافظ على كرامتها) وترديده دائماً -رحمه الله- (الهيئة مرفق هام يجب دعمه من جميع النواحي، وأقول هنالك استهداف للهيئة حتى من الإعلاميين، يلتقطون السلبيات البسيطة وينفخون فيها حتى تكبر ليسيئوا للهيئة، ألا يعلم هؤلاء أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن من أركان الإسلام). رحل نايف التوسط والاعتدال والتدين... وما ذلك إلا لأن سموه -رحمه الله وأحسن مثواه- كان يتمتع بجوان التدين والمحافظة التي تمثلت في العديد من مواقفه وتصريحاته وأعماله، فكانت جسر علاقة ربط بينه وبين شعب المملكة العربية السعودية ومبادلة الحب بالحب والتقدير والاحترام، ومما يذكر عنه كثيراً قوله: (نحن مستهدفون في عقيدتنا، مستهدفون في وطننا، أقول بكل وضوح لعلمائنا الأجلاء ولدعاتنا وللآمرين بالمعروف ولخطباء المساجد: دافعوا عن دينكم ووطنكم وأبنائكم، دافعوا عن الأجيال القادمة، يجب أن تستعمل كل وسائل العصر الحديثة لخدمة الإسلام ونقول الحق ولا تأخذنا بالحق لومة لائم). رحل ابن خطاب هذا الزمان... نعم فقد فرح المجوس بموت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهاهم اليوم فرحين بموت صاحب السمو الملكي الأمير/ نايف بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- وتبعهم في ذلك أذنابهم، فكان بفرحهم هذا ابن خطاب هذا الزمان. نبكي نايف الأمن والسنة والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتوسط والاعتدال والتدين وابن خطاب هذا الزمان؛ اليوم، ولا نبكيه -رحمه الباري عز وجل- اعتراضاً.. حاشا لله أن نعترض على أمر قضاه الله -سبحانه وتعالى- ولكن نبكيه لما كان عليه من خلق وأخلاق وتعامل وحزم وحكمته وحنكة وخدمة لكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم - وللأعمال الخيرية الكثيرة والجليلة التي هي شاهدة له في هذه الحياة الدنيوية، وخيرها باق له -بإذن الله- إلى قيام الساعة.. فهنيئاً لك يا نايف بن عبدالعزيز، بما قدمت من أعمال بر وإحسان وسجل ضخم من المواقف والأعمال الأمنية والإنسانية والخيرية الوطنية المتميزة والفريدة. اللهم إنا نسألك أن تتغمده بواسع رحمتك وأن تسكنه فسيح جنانك وأن تجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن تجازيه بخير ما تجازي به عبادك الصالحين، اللهم واجعل ما قدمه من خير شاهداً له وشفيع له، اللهم واجعله ممن يأخذ كتابه بيمينه وممن يردون الحوض المورود، اللهم واعلِ منازله في الجنة واجمعنا به مع النبيين والصديقين والشهداء إنك -سبحانك- سميع مجيب الدعاء.. ألهمنا الله وإياكم الصبر والسلوان، إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى. هيئة الرقابة والتحقيق