عندما يتطلّب الأمر الكتابة عن الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، يحضرني الكثير من الذكريات الجميلة التي جمعتني بعمالقة الفنون وروّادها في مختلف المجالات، التمثيل، والطرب، والمسرح، والشعر، والرواية، وقبل أيام أعلن المسئولون في الجمعية عن رغبتهم في تصميم جديد لشعارها، خصصت للفائز بالتصميم - جائزة مالية مقدارها 40.000 - أربعون ألف ريال - مع شهادة توثيق بذلك. وحدّد آخر موعد لاستلام أو وصول المشاركات الساعة التاسعة والنصف من مساء يوم السبت 2-9-1433ه الموافق 21-7-2012م مع إعلام من يرغب عن الاستفسار عن المسابقة التواصل مع المشرف العام على المسابقة هاتف مباشر 4415520 أو جوال 0555485373. هذا الإعلان أعادني أكثر إلى أبعد نقطة من أرشيفي الذهني بكل تفاصيله ومن بينها الشعار (بيت القصيد) في هذا الموضوع، حيث لازالت صورة وشكل ومضامين أول شعار للجمعية باقٍ في مخيلتي وفي كل الأوراق التي تربطني بها في زمن فائت، لم اقتنع بأي شعارات أتى بعده، هذا الحب والعشق لذاك الشعار كونه رافق مسيرتي الأولى لانطلاقة معارضي التي ساهمت فيها الجمعية بالدعم والمؤازرة، أغلبها تم وقت رئاسة صاحب السمو الملكي الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن للجمعية، مع ما تبع ذلك من جهود لمن أتى بعده (حق علينا ذكر محاسنهم وإن كانت قليلة). أعود للشعار لأتساءل عن أسباب تجديده رغم أنّ عمر الشعار الثالث في عمر الجمعية لا زال صغيراً، إذا علمنا أنّ المدة التي يدوم فيها شعار أي مؤسسة رسمية أو خاصة لا يقل عن الخمسين عاماً، كما هي الشركات الكبرى العالمية التي لها سنين طويلة تجاوزت أعمارنا لم نر تغييراً لشعارها أو رمز منتجاتها إلاّ من فترة قصيرة وإن حدث مثل ذلك فهو لتغير المنتج أو الاسم، ومع أنّ الأمر لا يعنينا بشكل عام وأن للمسؤولين في الجمعية الحق في أي قرار يتخذ ولأي أمر يخص الجمعية قد يرون فيه مصلحة لها، لكن العجيب في الأمر أنّ شعار الجمعية يتبدّل مع تبدل الإدارات مما يدفعنا (لتوقع) نسيان فترة (ما) بكل ما فيها وفي مقدمتها الشعار. لقد مر شعار الجمعية بمراحل تبدل، فالشعار الأول تم اعتماده في بداية تأسيس الجمعية، عام 93ه 73م، قام على تصميمه إن لم تخني الذاكرة الفنان عبد العزيز الحماد - رحمه الله -، تضمّن ثلاثة عناصر الموسيقى والفنون الشعبية يحتويهما مستطيل يشكل بالتة ألوان رمزاً للفنون التشكيلية، أما الشعار الثاني الذي قام على تصميمه الفنان محمد السليم - رحمه الله -، فقد أضيف إليه مجال المسرح، ليأتي الشعار الثالث الذي أجهل من قام بتصميمه مع ظني أنه أحد المصممين العرب، حيث جاء الشعار رشيقاً بسيطاً في عناصره مختزلاً للكثير من الرموز ظاهراً بثلاثة عناصر، ففي وسطه دائرة تحمل شعار الوطن المملكة العربية السعودية (السيفان والنخلة) تشكّل حدقة لعين يحيط بها قلم وفرشاة يشكّلان في النهاية رمزاً للفنون البصرية بكل تفاصيلها المرئية والمقروءة، أعتقد أنه الأجمل مع ما ظهرت به الشعارات السابقة من جمال. والواقع أن قضية الشعار وما يراد من تبديله أو تغييره لا يعوّض ما ينتظره منسوبو الجمعية من الفنانين من الطموحات التي تتجاوز ما تقوم به الجمعية من جهود تفتقر فيه الجمعية الى الدعم من وزارة الثقافة أو من القطاع الخاص لتلبي تلك الطموحات.