لم يكن اختصار العطاء أمراً عادياً في حضرة رجل خدم دينه ووطنه ليرسم منهجاً أديباً وثقافياً لمنطقة احتوته فكراً فاحتواها إخلاصاً وعملاً منذ 40 عاما جسد فيها الأديب والشاعر الأستاذ أحمد بن يحيى البهكلي عنواناً حقيقيا للغة عجز كل من حضر حفل تكريمه تذكر أبجدياتها المنقوشة على جدران كل الأماكن التي خدم فيها ليترجل عن العمل الرسمي ويتفرغ للعديد من أعماله الحقوقية والأدبية. جاء ذلك في الحفل الذي أقامته جامعة جازان للبهكلي بمناسبة انتهاء فترة عمله في الجامعة في المجال الأكاديمي الرسمي، وبرعاية من معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور محمد بن علي آل هيازع، وحضور وكلاء الجامعة وعمداء الكليات ورؤساء الأقسام وعدد من أعضاء هيئة التدريس، مساء أمس الأول في قاعة الاحتفالات بالجامعة. وقال آل هيازع: نتمنى للأستاذ أحمد البهكلي التوفيق في حياته القادمة، وتقاعده عن العمل لا يعني انقطاعه عن جامعته، جامعة جازان، ونأمل منه استمرارية التواصل المستمر مع الجامعة، فهو من المؤسسين الأوائل للجامعة، وجهوده مشكورة من قبل الجميع، ومواقفه في العمل الأكاديمي تشهد له من يوم أن كان عميداً لكلية المعلمين بجازان. وأضاف آل هيازع: إننا قد حاولنا كثيراً ثني البهكلي عن اتخاذ هذا القرار وترجله عن العمل ولكن كل محاولاتنا معه لم تجد أبداً؛ فقد كان مصراً على تقاعده، ولا نملك إلاّ أن ندعو له بالتوفيق في حياته القادمة لخدمة الدين والوطن. وأوضح عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية الدكتور يحيى بن محمد الحكمي في كلمة ألقاها بهذه المناسبة أن المكرم في هذه الليلة لا يمكن أن يوصف ككتلة واحدة؛ فهو متعدد الجوانب والمجالات التي تميز فيها؛ فقد كان متميزاً على المستوى الإداري، وهذا ما أشهد به من خلال عملي معه لعقد من الزمان ونيف، وهو الأديب والشاعر الذي كان إبداعه متجاوزاً الآفاق، وهو المثقف المتنوع والشمولي. وبين الحكمي أن المكرم في هذه الليلة لم يغفل العمل التطوعي في حياته؛ فقد عمل في عدد من الجمعيات الخيرية والأندية الأدبية والمهرجانات الثقافية والمناسبات الوطنية، وانتهاء بعمله الحالي في جمعية حقوق الإنسان. كما أن البهكلي كان معلماً تخرج على يديه العديد من الأجيال التي كانت بنية صالحة في نسيج المجتمع، ويشهد بذلك طلابه بدءاً من إمام الحرم المكي معالي الدكتور عبدالرحمن السديس وانتهاء بخريجي كلية الآداب هذا اليوم. فهم خير شاهد على عطاء تلك الشجرة الوارفة الظلال. وختم الحكمي كلمته بالحديث عن جانب من حياة المكرم، وهو ما وصفه بالبهكلي الرحالة فقد شرَّق وغرَّب فجاب أصقاع المعمورة. وتوالت الكلمات والقصائد الشعرية التي ألقاها عدد من الحاضرين والمحتفين بالمكرم في تلك الليلة، حيث ألقى رئيس قسم الثقافة الإسلامية الدكتور خالد بن محمد أبو القاسم كلمة قال فيها: عملت مع المكرم في عدة مواقع، من أبرزها رئاسة قسم الدراسات الإسلامية. فوجدته نعم الأخ المعين والمربي الحذق والقائد الفذ الذي يعطي لكل موقف قدره. وألقى عميد القبول والتسجيل الدكتور حسن بن عبدالله إسحاق كلمة عبر فيها عن الذي وجده من قبل المكرم أثناء مسيرته العملية، وقد كان له الفضل بعد الله في إكمال مسيرتي التعليمية وابتعاثي لمرحلة الماجستير والدكتوراه، ودعمه لي في إدارة القبول والتسجيل أثناء عملنا في كلية المعلمين سابقاً. وتحدث الأديب والشاعر حجاب بن يحيى الحازمي عن الفترة التي عمل فيها برفقة المكرم في نادي جازان الأدبي؛ فقد كان خير معين في النادي؛ لما يمتلك من خبرة إدارية وتربوية وثقافية وأدبية، وعمل معنا لدعم مسيرة النادي الأدبي في تلك الفترة الزاهرة من عمر النادي. واختتم اللقاء بكلمة للمحتفى به الأستاذ أحمد البهكلي عبر من خلالها عن عظيم امتنانه لجامعته جامعة جازان ولجميع العاملين فيها، وعلى رأسهم معالي مدير الجامعة بما غمرتموني به من حب وتقدير في هذه الليلة، وقال: إنني أشعر بالسعادة والاعتزاز العميق والانتماء لهذا الصرح التعليمي، مضيفاً: إن هذه الليلة قد أضافت له الكثير مما عمله طيلة 40 عاماً، فكل الشكر لكم على ما غمرتموني به من لطف ومحبة وتقدير.