كم هم كثيرون يمرون في حياتنا ولا يؤثر فينا إلا القليل لكننا نتعامل معهم بصمت ولا تتحرك مشاعرنا نحوهم إلا بعد أن يلم بهم عارض.. والأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن المحيميد أعرفه منذ كان طالباً في المرحلة المتوسطة فالثانوية كان خلوقاً ومحبوباً لدرجة المثالية وتعتبر شخصية وسيرته نادرة لأنك قلّ أن تجد شخصاً ليس عليه ملاحظات أو ليس له خصومة مع أحد لكن أبا عبدالرحمن مثالي في خلقه وتعامله وفي كل سيرة حياته كان محبوباً من كل زملائه وجيرانه أخلاقياته وتعامله اليومي مع كل الناس سواء من يعرف ومن لا يعرف تتسم بالتودد والمحبة لم أسمع ولم أرمشادة بينه وبين آخر كان رحمه الله عطراً وورداً وماء زلالاً ينهمر بين جداول الحياة ومع الآخرين. ومن مشكلتنا نحن البشر أننا لا نتذكر أحداً إلا بعد مماته وبعد أن يغيب عنا ويكون من نزلاء القبور. لقد غابت هذه الصفات الكريمة والأخلاق العالية إلى الأبد ورحلت برحيل أبي عبدالرحمن بعد أن داهمه مرض شرس لم يدم به إلا لعدة أشهر قلائل، كان خلالها صابراً مبتسماً لزواره مطمئناً، وكما هي عادته أخلاق وابتسامة لا تفارقه حتى تكاد تجزم أنه لا يعاني من شيء. لقد تعجبت عندما زرته بمنزله بعد عودته من فترة العلاج الأولى بالرياض فكان مرحباً بزواره سائلاً عنهم ومطمئناً حتى أدخل الانشراح على نفوسنا، وبعد أن نقل للعلاج في الولاياتالمتحدة بعد أن زاد عليه المرض بمتابعة واهتمام من سعادة الشيخ حمد الجميح جزاه الله خيراً وله الشكر على ذلك، وليست هذه الوقفة بغريبة على أبي عبدالعزيز فهو السباق لكل خير. وبعد أن وافته المنية هناك صلي على جثمانه في جامع المهنا بشقراء فامتلأ الجامع والمقبرة وحضر الصلاة من الرياض الشيخ حمد الجميح وعدد كبير من المسؤولين والوجهاء، وهذا يدل على مكانة الفقيد رحمه الله حيث كان مربياً فاضلاً في إدارة التعليم ونائباً للمدير، ثم بعد تقاعده المبكر سكرتيراً للمجلس المحلي ثم رئيساً للمجلس البلدي، هكذا هم الأخيار يعيشون حياة السعداء ثم يمضون راضين مرضيا عنهم. رحمك الله أبا عبدالرحمن وأسكنك جنات النعيم وغفر لك وألهم أبناءك وأسرتك الصبر والسلوان، وأقترح على نادي الوشم بحكم أنه كان من منسوبيه بتكريمه بتخصيص دورة رياضية باسمه أو إطلاق اسمه على إحدى الصالات بالنادي فقد كان رحمه الله أولى بالتكريم قبل الوفاة. لحظة تأمل: أواه دنيا تفرقنا.. لكننا لا نعتبر.. كل يوم تقنص منا ونحن في غفلةٍ ثم نودع بالدموع ويدب الصمت فينا وهي لا تشبع. محمد المسفر - شقراء