إن ما يُمارس في طرقاتنا وشوارعنا لن أكون مُبالغاً إن قلت إن ذلك يحدث يومياً من البعض في أمور تتنافى مع أخلاقياتنا وتربيتنا الإسلامية، خاصةً ونحن مجتمع مُسلم -والحمد لله- جُبل وفُطر على الترفّع عن كل ما يُسيئ للآخرين بل وما ينعكس عليهم من أشياء غير محمودة لا يقبلها كل من لديه عقل وبصيرة. من المُخجل أن نرى سلوكاً عشوائياً كشجرة شوك في حديقة ورد عندما يخرُج أحدُنا عن السمات الإنسانية والأخلاقية وحتى الحضارية ويقذف بالنفايات من علب فارغة وما شابه ذلك من نوافذ مركباتهم وهي تسير بسرعة، فأما أن تدخل مرمى مركبة بريئة لأطفال أبرياء أو عائلة لا ذنب لهم سوى أن القدر وضعهم بجانب ذلك الطائش.. وهم يبتسمون لهذه الدنيا فتؤذي أحدهم -لا قدر الله- أو تتسخ ثياب من فيها أو أن يأتي بعضها على زجاج السائق لتعيق الرؤية لديه أو قد تكسر زجاج تلك المركبة نظراً لسرعة المركبة وبالتالي سرعة المقذوف وما ينتج عنه من ارتطام ومن ثم يتسبب في حادث لا يحمد عُقباه، أو أن ترتسم بقعة بشعة في شارع نظيف تدفع مبالغ من أجل تنظيفه وذلك على يد مستهتر بالمسؤولية تنقصه التربية الدينية وقلة الوعي لأنه لو عَلِم أن النظافة من الإيمان لن يقترف ذلك الخطأ وقد يجر ذلك حتى للمقيم الذي قد يحذو حذوه. لنكون نحن المواطنين قدوة للآخرين.. ولا يدركون أن ما يحدث دون مراعاة لحرمات ومشاعر الآخرين كذلك حق الطريق وحرماته من قبل ضعاف النفوس وهذا يتنافى مع كل الأعراف والقيم.. فهذا الاستهتار من البعض مشهد غير حضاري ولم نتعود عليه ولم نألفه في حياتنا، وهذا بحد ذاته مرفوض تماماً في مجتمعاتنا لأنه يترتب عليه أمور كثيرة أولها إيقاع الأذى بالآخرين والضرر بالشارع بل تشويه الوجه الجمالي لهذا الشارع أو المكان كذلك تعطي انطباعاً أننا أمة غير حضارية وليس آخرها تلوث البيئة وما ينجم وينطوي على ذلك من أمراض مُعدية قد تنشر بين الناس وتكلف الدولة الكثير من الجُهد والمال. وهُناك حاويات وأماكن مخصصة لرمي النفايات والمخلفات وغيرها قد كلفت الدولة الكثير، ولا يجوز جعل الشوارع والطرقات العامة أوعية ومرتعاً لها.. وهناك شركات خاصة مناط بها القيام بجمع تلك المخلفات على مدار الساعة لجعل هذه الشوارع آمنة ونظيفة وحضارية. لذا يفترض على صاحب المركبة، المتجر، الورشة والبقالة وحتى المارة وغيرهم وضع المخلفات في مكانها المخصص ولنكون مرآة صادقة نعكس الوجه الحضاري لهذا الوطن. كما نعلم فالنظافة من الإيمان وقبل هذا كله أن نتأسى بسيد المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكما جاء في الحديث أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة. وعلى أمانات المدن والبلديات تقع مسؤولية كبرى وهي حث الشركات المسؤولة عن النظافة مع مراقبتها من وقت لآخر بوضع حاويات كافية لتحتوي هذه النفايات وحسب اكتظاظ المناطق وبينها مسافات مناسبة لنتجنب تلك المشاهد المزرية التي لا تليق بنا كأمة تنشد كل ما هو جميل وحميد.. فالمواطنة الصادقة تحتم علينا أن نعد الشارع بيتاً لكل واحد منا، فهل ترضى يا أخي الكريم أن ترمي بالنفايات في أي مكان في منزلك؟ طبعاً لا بل تضعها في المكان المخصص لها. ولا يفوتنا أن ننوه بأمر يجدر ذكره وهو عندما يكون أبناؤك في مركبتك أو في أي مكان، ما هو موقفك عندما تقذف أو تضع شيئاً ما في غير مكانه الصحيح؟ قد يعتبرونه شيئاً طبيعياً وينعكس ذلك عليهم لأنك أنت القدوة لهم أو ربما ينتقدونك بحكم فطرتهم التي فطروا عليها وتمضي الصورة مهزوزة في نفوسهم لأنه كان ينبغي عليك أن ترشدهم لكل ما فيه الخير والصلاح ولتظل صورتك عندهم ناصعة وسوية. وهذا نتوخاه في كل أب أو ولي أمر لأن هؤلاء الأبناء أمانة في أعناقنا ويجب علينا أن نزرع فيهم النبتة الصالحة الطيبة. وكما أفردت به وسائل الإعلام أنه قد صدر قرار من الإدارة العامة للمرور بالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية منذ سنتين تقريباً بأن هناك جزاءات لكل من يرمي أو يلقي بالنفايات من نافذة سيارته. آمل تفعيل هذه الجزاءات وعدم التهاون فيها لكي نقضى أو نحد من هذه الظاهرة المشينة والمُسيئة بل والقضاء عليها -إن شاء الله. كذلك يقع على عاتق التربية والتعليم بنين وبنات مسؤولية جسيمة جنباً إلى جنب مع البيت، المسجد، وسائل الإعلام المُختلفة عن أهمية هذا الأمر وما له من أضرار وانعكاسات سيئة.