تعاني أحياء داخلية في مدينة جدة من تدنٍّ في مستوى النظافة، وتناثر النفايات في بعض الشوارع والأزقة العشوائية، ما دفع سكان الأحياء المتضررة إلى التذمر والمطالبة بإزالة النفايات التي باتت تشكل خطورة على صحتهم وصحة أطفالهم، وكذلك بوضع حلول عاجلة تنهي أزمة تكدس النفايات. «عكاظ» وقفت ميدانيا على الأحياء الداخلية وبعض الشوارع الرئيسة في أحياء النزلة، السبيل، الكندرة التي تئن من تكدس كميات كبيرة من النفايات، بهدف الوقوف على جوهر المشكلة ورصد انطباعات الأهالي حول مستوى النظافة. يصف عصام محمد (من حي النزلة اليمانية) الوضع بالمزري، وأنه يستوجب وقفة حازمة ومحاسبة المتسبب في أزمة النظافة التي يعاني منها الحي، وقال «لا أستبعد أن تتصدر مدينة جدة باقي المدن في نسبة الإصابة بالربو، بسبب تردي أعمال النظافة، فنحن نعاني من تراكم النفايات بشكل مخيف، فضلا عن الروائح الكريهة التي تزكم الأنفاس، خصوصا أن الأوساخ تنتشر في أزقة الحي وتحيط به من جميع الاتجاهات». ويشير منصور علي، الذي يسكن في حي السبيل، إلى وضع النظافة المتردي، وقال: حاويات جمع النفايات تبقى لفترة طويلة دون تفريغ، ما يدفع بعض السكان إلى رمي النفايات على الأرض أو على الطرقات، ودعا المسؤولين عن النظافة في أمانة جدة إلى زيارة بعض الأحياء والوقوف على مستوى النظافة فيها، وقال: «لا أعتقد أنهم سيتحملون الوضع»!. رقابة وأحياء وأكد عبد العزيز موسى (من سكان حي السبيل جنوبي جدة) وجود كميات من النفايات ومخلفات الأطعمة بالقرب من حاويات النظافة، خصوصا في داخل الأحياء، رغم مرور فرق الأمانة الميدانيين بجوارها ومعرفتهم بسوء النظافة في عدد من الأحياء، دون أن يخطوا نحو علاج المشكلة، مشيرا إلى وجود حاويات نظافة غير صالحة للاستعمال ومتهالكة، وتحتاج إلى إصلاح أو استبدال، وطالب موسى الأمانة بفرض رقابة على عمال النظافة وإجبارهم على أداء عملهم بالشكل المطلوب. ولا يختلف عبد الحميد عمر (من سكان حي النزلة كثيرا) عن رأي سابقه، إذ يرى وضع النظافة في أحياء جنوبي جدة الحالي لا يتفق مع النقلة الحضارية والتنموية التي تشهدها المحافظة، وقال: «انتشار النفايات على جانبي الطريق وسط الأحياء، يعكس بلا شك انطباعا سيئا لدى الزوار والمعتمرين وعلى الجهات المعنية بنظافة أحياء وشوارع المحافظة الاهتمام بهذا الجانب كثيرا». فيما انتقد سالم الجهني (من سكان حي قويزة) تجاهل الأمانة لمشكلة تكدس النفايات داخل بعض الأحياء، رغم المطالبة المتكررة بتحسين مستوى خدمات النظافة في الأحياء، وشدد الجهني على أهمية إخضاع عمال النظافة لدورات تدريبية متخصصة ورفع مستواهم، وبما يساعدهم على إنجاز أعمالهم بالشكل المناسب، للحد من تراكم النفايات ومنع تكدسها داخل الأحياء. وقال: «الأمانة توزع العمال على الأحياء، والذين بدورهم يفتقرون إلى الدراية التامة بمهماتهم، واللوم يقع على الجهات المشغلة التي لا تشرح لهم الدور الأساسي والواجبات وطريقة تنفيذها». وعود .. وعود يتساءل منصور جيلاني (من سكان الكندرة) عن المبالغ التي تصرف على عقود النظافة، في ظل تدني المستوى الحالي داخل بعض الأحياء، والوعود المستمرة في وسائل الإعلام بتحسين مستوى النظافة في المحافظة، وهي وعود لا تترجم على أرض الواقع، وقال «النفايات منتشرة وسط الأحياء، ونخشى على أطفالنا وأسرنا من الأمراض الوبائية إن لم تعالج المشكلة بشكل عاجل»، مناشدا بسرعة التدخل ووضع حد للمشكلة. وأوضح أيمن المري أنه يقطن حي الهنداوية منذ مدة طويلة، وأنهم يعانون من تراكم النفايات والروائح الكريهة داخل الحي، فضلا عن الحشرات الضارة التي تهدد حياة السكان، وأضاف: النفايات تبقى مكانها أحيانا لمدة ثلاثة أيام وتسد الطرقات دون أن تهتم الأمانة بجمعها وإزالتها. كوارث بيئية ويتهم عبد الرحمن عمر (من سكان حي النزلة اليمانية) عمال النظافة بالتقصير، وأنهم ينشغلون بجمع علب المشروبات الفارغة تاركين عملهم الأساسي، وقال «منزلي يقع بالقرب من موقع حاوية نفايات، ودائما ما تتسلل روائحها الكريهة إلى داخل المنزل وتهدد أفراد الأسرة بالأمراض والأوبئة». من جهته، قال ماجد هزازي (من نفس الحي) أن عمال البلدية يمرون بشكل متقطع لجمع النفايات، مشيرا إلى خشية الأهالي من انتشار الأمراض، خصوصا أن البيئة المحيطة تساعد على انتشارها نتيجة تكدس النفايات داخل الحي لمدد طويلة، وأضاف: تراكم النفايات أدى إلى انتشار الحشرات والقوارض وانبعاث الروائح الكريهة، عازيا رمي الجيران لنفاياتهم على امتداد الطرقات إلى عدم وجود حاويات في الحي. وبين طلال جمال (أحد سكان حي النزلة) أن تكدس النفايات وصل إلى داخل منازلهم، وقال: «أعداد عمال النظافة في تراجع، ما ينبئ بحدوث كوارث بيئية في ظل التراجع في مستوى النظافة، وغياب الدور الرقابي من الأمانة»، موضحا وجود عدد من الأحياء داخل المحافظة تواجه مستوى متدنيا من النظافة، في الوقت الذي تشهد فيه أحياء أخرى نظافة على مستوى عالٍ، وتخضع لرقابة مسؤولي الأمانة، وتابع «طالبنا مرارا بإزالة النفايات التي تهدد بكارثة بيئية، إلا أن الأمر يزداد سوءا يوما بعد الآخر، خصوصاً أن عمال النظافة مشغولون أغلب الوقت في جمع علب المشروبات الغازية الفارغة والخبز الجاف وقطع الحديد، وتخزينها في منازل مهجورة بدلا من الالتفات لعملهم الأساسي». انخفاض الوعي مصدر في أمانة محافظة جدة أكد في تصريح ل«عكاظ» عن عزم الأمانة توزيع عشرة آلاف حاوية حديدية جديدة خلال الثلاثة أشهر المقبلة، من خلال خطة وضعت لاستبدال الحاويات التالفة وزيادة أعدادها، حيث عمدت الإدارة العامة لمشاريع النظافة المقاولين لتأمين حاويات حديدية بدلا من البلاستيكية التي ثبت عدم مقاومتها للصدمات والحرائق، وللعوامل المناخية في المملكة. واعترفت الأمانة أن المستوى الحالي للنظافة وأداء الشركات التي تتولى هذه المهمة لا يرضي الطموح. وأرجعت انخفاض مستوى النظافة في بعض المناطق إلى عدة عوامل، من بينها قلة الوعي لدى بعض السكان وعدم وجود مبالغ معتمدة لتنظيم برامج توعية وانتشار سلوكيات سلبية، ممثلة في ظاهرة الافتراش ونبش الحاويات وتجميع الخردة التي لا يوجد أنظمة رادعة تحد من هذه التصرفات، وكذلك إلقاء النفايات من السيارات والرمي العشوائي للنفايات خارج الحاويات، وتجميع الكراتين ورمي مخلفات البناء والترميم في الساحات.