ذاكرة المجتمع الدولي تحتفظ بصور قاتمة لتعامل الأنظمة الشمولية مع شعوبها، والسلوك المشين للحكام الدكتاتوريين الذين لا يردعهم ولا يوقف جرائمهم إلا مواجهتهم بمواقف شجاعة وقوية لتصدي تجاوزات تلك الأنظمة وحكامها المتسلطين. بشار الأسد ونظامه لن يخرج عن هذه الدائرة التي ضمت ستالين ونظامه، وفرانكو جنرال إسبانيا، وجزار يوغسلافيا سلوبودان مليوشفيتش ومن العرب فأر ليبيا ملك ملوك إفريقيا معمر القذافي، كل هؤلاء لم يكن التخلص منهم وإراحة شعوبهم والبشرية من جرائمهم لولا لم يحزم المجتمع الدولي أمره ويزيحهم بالقوة. والدكتاتور مهما ظهر متضخماً ومنتفخاً بالقوة يستشعر الخوف، بل والرعب عندما يعلم أن التهديد جدي، وهذا بالضبط ما يستشعره دكتاتور سوريا الصغير بشار الأسد الذي أخلص إلى نتيجة حتمية وهو مواجهة جادة هذه المرة مع مجلس الأمن الدولي إن لم ينفذ نقاط البيان الرئاسي للمجلس الست. ومع أن نظام بشار الأسد لم يتخلَ عن أسلوب المراوغة والمداهنة والرهان على كسب الوقت إلا أن المراقبين بدأوا يلمسون بداية خضوع لطلبات مجلس الأمن الدولي خاصة فيما يتعلق بتنفيذ خطة المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان والتي تقتضي بوقف الأعمال القتالية وانسحاب القوات العسكرية خارج المدن قبل 10 أبريل الحالي، أي بعد خمسة أيام والتي ستشهد مثلما شهدت الأيام السابقة نشاطاً محموماً ل»تمشيط» المدن الثائرة وإخراج أهلها والمواطنين المحتجين الذين لم يفعلوا سوى التظاهر السلمي، وقد لجأت قوات الأسد إلى تدمير وحتى إحراق المنازل ليعاود «احتلال» أحياء حمص وإدلب والزبداني، التي مارست قوات الأسد عليها أساليب قوات الاحتلال فشردت أهلها الذين هربوا للوديان والجبال، والبعض نجح في الوصول إلى تركيا والأردن ولبنان.الأيام الخمس القادمة ستشهد تصعيداً إجرامياً من قبل قوات الأسد، ل»تمشيط» محافظات درعا ودير الزور والحسكة والرقة التي لا تزال خارج سيطرة النظام. وهكذا فإن السوريين سيدفعون ثمن هذه المهل الزمنية التي تعطى إلى النظام وهو ما سيرفع حصيلة ضحايا نظام الأسد من السوريين التي تجاوزت عشرة آلاف قتيل و75 ألف جريح وفقدان 65 ألف شخص، إضافة إلى 210 آلاف معتقل ومئات الآلاف من المهجرين واللاجئين داخل وخارج سوريا.