كان تأسيس كرسي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المانع من أهم أعمال الأستاذ الدكتور عبدالله العثمان مدير جامعة الملك سعود وأجلّها. وتأتي قيمة هذا الكرسي من ارتباطه باللغة العربية وآدابها، وقد نشط هذا الكرسي بإدارة أ.د. عبدالعزيز المانع إلى تحقيق أهدافه بخطوات مدروسة من شأنها خدمة العربية تليدها وطارفها، ومن يطّلع على أعمال الكرسي يجد أنها تجمع بين النظرية والتطبيق، ويجدها متنوعة، فمنها الندوات ومنها المحاضرات وورش العمل والدورات التدريبية، ومنها نشر الكتب في مجال اللغة والأدب، ولم أتمكن من أن أشهد كل تلك الإنجازات، ولذلك سأذكر ما كنت شاهده أو مشاركًا فيه، وأول محاضرة شهدتها كانت بعنوان: «اللغة العربية في الصحافة المقروءة» تحدث فيها الدكتور أحمد الضبيب عن مشكلات اللغة العربية في الصحافة المقروءة، واقتراح بعض الحلول لها في إطار السياسة اللغوية التي يجب اتخاذها للارتقاء باللغة العربية. وشهدت وشاركت في الندوة التي نظمها كرسي المانع بالتعاون مع كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية ندوة مشتركة عن «اللغة والإعلام» وذلك صباح الاثنين 13-2-1432ه. وجاءت الندوة في جلستين الأولى رأسها الدكتور علي بن شويل القرني المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية وشارك فيها الدكتور فهد العرابي الحارثي رئيس مركز أسبار للدراسات والإعلام والدكتور أحمد بن راشد السعيد الأستاذ المشارك بقسم الإعلام، أما الجلسة الثانية فرأسها الدكتور عبدالعزيز المانع المشرف على كرسي المانع لدراسات اللغة العربية وآدابها، وشارك فيها أبوأوس إبراهيم الشمسان والدكتور فالح العجمي الأستاذان بقسم اللغة العربية في كلية الآداب. وإن تكن جملة الأعمال التي نهض بها الكرسي جليلة فإن أجلها في نظري وأدومها نفعًا هذا الاتجاه المبارك لنشر الكتب والدراسات الجادة، وكان من التوفيق المبارك أن جاء كتاب (الشاهد الشعري في النحو العربي) للدكتور محمد الباتل الحربي أول سلسلة الإصدارات التي أصدرها الكرسي، ويمثل هذا الكتاب نقطة لقاء الأدب والنحو؛ فهو درس لمصدر من أهم مصادر التقعيد، وهو الشعر، حيث يظهر التفاعل بين الإبداع الأدبي والدرس النحوي، وصدر من هذه السلسلة (نظر في الشعر القديم) للدكتور حسين الواد، و(الأسلوبيات الأدبية) للدكتورمحي الدين محسب، و(الشعار على مختار نقد الأشعار)، و(من اسمه عمرو من الشعراء) حققهما الدكتور عبدالعزيز المانع، وأما (تحليل القصص) للدكتور ناصر الحجيلان فهو جارٍ طبعه، ومثله (نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب) للدكتورين أحمد كمال وحسن الشماع. وإن من يعرف المشرف على الكرسي عن قرب يدرك أن هذا العالم فريد في علمه وخلقه وطبعه، فقد زويت له معارف التراث مطبوعها ومخطوطها التي أفنى شطرًا من عمره في طلبها ومعالجتها وإخراجها في أجمل حلة، وإنه لا يلقاك إلا بابتسامة تضيء وجهه الصبوح، وإنه على ما يجد من العنت من الآخرين لا ترى في وجهه تمعرًا ولا تسمع من لسانه تذمُّرًا. هنيئًا للعربية بكرسيّ المانع، وهنيئا لنا بالمانع، أمد الله بعمرأستاذنا وشيخنا وبارك له بوقته وصحته وسدد عمله وحقق آماله وكل ما يرجوه لحير العربية، وإن من سعادتي تشرفي بمعرفته ومزاملته في قسم اللغة العربية.