هناك عرف لدى الكثير من الأوساط الإعلامية وحتى النخب المثقفة في عالمنا العربي تتبنى نظرية ومفهوم بأن من يحكم أو يتحكم بصناعة الأفلام في هوليود هم مجموعة من الأثرياء اليهود والذين لا همّ لهم سوى تشويه العرب والمسلمين وتقديم أعمال تمجد اليهود طوال المائة عام الماضية. وجهات النظر هذه قد تكون صحيحة في فترة من الفترات خلال السنوات الماضية، ولكن عند التدقيق في آلية ونهج وسياسة الإنتاج في إستوديوهات هوليود في السنوات العشرين الماضية نجد أن النظرة تجاه المؤامرة الصهيونية من خلال أفلام هوليود قد تكون مبالغة بعض الشيء. في السنوات الأخيرة هناك أفلام صدرت من الإستوديوهات الست الكبرى في هوليود تسخر من اليهود كما قدم ترانتينو حكايته الساخرة في فيلم Inglorious Bustards عندما سخر من اليهود عندما قدمهم بشكل البطل الوهمي في مقابل هزيمة هتلر، بل إن مخرج يهودي وهو ستيفن سبيلبرغ صنع فيلماً عن الصراع العربي اليهودي أثناء حادثة (الثلاثاء الأسود) في أولمبياد ميونخ وقدمها بشكل مثالي وعادل ولم نشاهد أي تشويه للعرب على الرغم أن الإعلام في ذلك الوقت صور العرب بالمتوحشين والإرهابيين، لكن هذا الأمر لم يحرص عليه المخرج بسرده الفني لفيلم (Munich). وفي السنوات الأخيرة لم تكتفي هوليود فقط بتقديم الأفلام التي تقدم وجهات نظر عادلة تجاه العرب والمسلمين فحسب، إنما سجل بعض مقدمي حفل الأوسكار بعضاً من السخرية تجاه اليهود أيضا، حيث نذكر أن مقدم الأوسكار العام الماضي أليك بالدوين طلب من الممثل كريستوفر واتز قتل اليهود في الحفل -على اعتبار أنه قام بشخصية نازي في أحد أفلامه السابقة-. ما يحدث الآن من توازن في تقديم وجهات النظر سواء كانت عربية إسلامية أو يهودية إسرائيلية هو عادل بعض الشيء على العكس في الماضي، تماما كما كانت أفلام هوليود تقدم الهنود الحمر على أنهم همج متوحشون لا هم لهم سوى قتل الأبيض المسالم حتى ثار عليهم الممثل براندو عندما رفض استلام جائزة الأوسكار مرسلاً بالنيابة عنه سيدة مناضلة في حقوق الهنود الحمر بشمال أمريكا لتقدم خطبتها الشهيرة التي سببت وقتها ردة فعل غاضبة في المسرح آنذاك. لكن نجد أن بعض عشرين سنة تقريباً نفس أعضاء الأوسكار يكرمون فيلماً بجائزة أفضل فيلم وهو (Dances with Wolves) الذي قدم قصة رجل أبيض يعيش بشكل سلمي مع قبيلة من الهنود الحمر، فهل نشاهد في المستقبل تكريماً من الأوسكار عن فيلم عن العرب والمسلمين، نأمل ذلك شرط أن نتجاوز هلوسة (نظريات المؤامرة) ونبدأ بدعم صناعة أفلام عربية وإسلامية تعكس ثقافتنا وحضارتنا للآخر.