الزمان: 1989-1991م الحدث: صناعة فيلم (صمت الحملان-The Silence of the Lambs) عندما قدم المنتج الإيطالي المخضرم دينو دي لورنتس (منتج فيلمي "الطريق" و"ليالي كابيريا" للمخرج الإيطالي الشهير فيديريكو فليلليني) فيلماً أمريكياً هو (صائد الرجال Manhunter) عام 1986م حول قصة قاتل تسلسلي يأكل لحوم ضحاياه يدعى هانيبال لكتر فجع بنتائج شباك التذاكر، فبالرغم من وجود مخرج محنك خلف العمل هو مايكل مان إلا أن الفيلم لم يجن أكثر من تسعة ملايين دولار من الخمسة عشر مليوناً التي صرفت كميزانية للفيلم فخرج خسراناً عدة ملايين من هذا المشروع. لذلك لم يكن لورنتس متحمساً عندما عرضت شركة أورين للإنتاج فكرة إعادة الفيلم بروح جديدة وطاقم مختلف تحت إشراف المخرج جوناثن ديمي، فالقصة في نظر لورنتس لن تجذب الجمهور الذي سبق ولم يقبل عليها في المرة الأولى، فما كان منه إلا أن منح شركة أورين حق إنتاج الفيلم بالمجان! وهو الأمر الذي رحبت به شركة أورين كونها تعاني منذ سنوات من عثرات مالية وديون متراكمة أثقلت كاهلها. قام المخرج ديمي بترشيح ميشيل فايفر لبطولة العمل إلا أنها رفضت الدور لوحشية الأحداث وعنف المشاهد فأسند الدور لجودي فوستر لإصرارها على اقتناص هذا الدور بعدما كان كاتب السيناريو قد وضعها في رأسه أثناء كتابته الفيلم، كما رشح شون كونري لدور هانيبال ليكتر لكنه رفض الدور فتم منحه إلى النجم البريطاني أنتوني هوبكنز. كان حماس فوستر وهوبكنز مصدر إلهام للمخرج حيث قدما له عدداً من الأفكار كتغيير مشهد البداية وطريقة حديثهما وأسلوب تصوير بعض اللقطات. كانت شركة أورين تخطط إطلاق الفيلم في صالات السينما في خريف عام 1990م ولكنها عدلت عن ذلك وقررت تأجيل الأمر إلى بداية عام 1991م بسبب رغبتها في التركيز على حملتها الدعائية لفيلم المخرج والممثل كيفن كوستر (يرقص مع الذئاب - Dances with Wolves) وكان القرار مصيباً حيث حصد الفيلم الأخير سبعة أوسكارات منها أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج. بعد طرحه، نجح الفيلم تجارياً فحصد حول العالم أكثر من 272 مليوناً بينما لم تكن تكلفته أكثر من 19 مليوناً فقط لكن تلك الملايين لم تكن كافية لتغطية ديون الشركة التي أعلنت إفلاسها لاحقاً، ولكن إيمان الشركة العميق بجودة الفيلم جعلها تضخ –رغم إعلان الإفلاس- ما يقارب المائتي ألف دولار على حملة إعلانية للفيلم قبيل الأوسكار كما راهنت على ترشيح كل من فوستر وهوبكنز للأدوار الرئيسية رغم قصر دور هوبكنز. كان حفل الأوسكار تاريخياً للفيلم وأهله حيث حصد الفيلم خمس جوائز أوسكار هي أوسكار أفضل فيلم ومخرج لجوناثن ديمي وممثل رئيسي لأنتوني هوبكنز وممثلة رئيسية لجودي فوستر وكاتب لتيد تالي، ليكون الفيلم بذلك أحد ثلاثة أفلام فقط في تاريخ السينما حصدت الخمس أوسكارات الأهم (فيلم، مخرج، كاتب، ممثل، ممثلة) جنباً إلى جنب مع فيلمي (حصلت في ليلة واحدة) و(طار فوق عش الوقواق)، كما أصبح هوبكنز –ولا يزال- الممثل الذي فاز بالأوسكار بأقصر مدة ظهور لممثل رئيسي في فيلم حيث ظهر في ما يقارب 16 دقيقة فقط. كما اختارت الجمعية الأمريكية للأفلام شخصية كلاريس ستارلينق (فوستر) لتكون السادسة في قائمة أعظم الأبطال في تاريخ السينما الأمريكية، أما شخصية الدكتور هانيبال لكتر (هوبكنز) فقد جاءت في المركز الأول لأعظم الشخصيات الشريرة في التاريخ.