«ريم حبيبتي اصحي من النوم ترى الباص قرب موعده»، هكذا كانت أم ريم تنادي عليها كل صباح لتطمئن عليها وتجهزها للذهاب إلى المدرسة، ولاسم ريم عند أمّها قدر عظيم، فهو اسم والدتها التي حُرمت منها وهي رضيعة، وقد سمّت أول مولودة لها بهذا الاسم، فكانت ريم ابنة وأمّاً لوالدتها، فحين تضمها أمها كانت تحسّ بمشاعر مزدوجة بين الأمومة والبنوة.. عملت أمّ ريم معلمة في إحدى المدارس الابتدائية، كانت متعتها حين تزين لصغيرة ضفيرتيها أو تطعمها بيدها، لقد كان عشقها لصغيراتها لا حد له، وإن غابت إحداهن حزنت حزناً شديداً، ولو مرضت عادتها اطمأنت عليها حتى تعود إلى الدوام مرة أخرى، كانت أم ريم تعيش في قلق دائم تخاف من شيء مجهول لا تعرفه ولكنها تحسّه، كانت الهواجس تأتيها ليلاً وهي نائمة، فتهب فزعة من فراشها تحتضن ابنتها وتقبلها وكأنها تودعها، لم تكن الصغيرة تدرك هذه المعاني ولكنها كانت سعيدة بأمها وحنانها، وفي ليلة السبت قبل العطلة النصفية بأسبوع واحد استيقظت أمّ ريم على حلم أفزعها كثيراً، استعاذت بالله من الشيطان الرجيم، وذهبت كعادتها إلى فراش ريم لتقبلها ولكنها فجأة قررت أن تنام بجوارها أخذتها في حضنها وضمتها وقبلتها حتى راحتا في سبات عميق.. دق جرس المنبه فقامت مسرعة لتحضر طعام الإفطار قبل الذهاب للمدرسة، استقبلت طالباتها بابتسامتها المعهودة وأخذت تداعبهن وتلاطفهن، وكلما مرت عليها واحدة من زميلاتها ابتسمت في وجهها وسلّمت عليها بحرارة وفجأة دق جرس إنذار الحريق لا تعرف ماذا تفعل كان جل همها بناتها الصغار أخرجتهن من الباب، واحدة تلو الأخرى، ولكن الحريق امتد إلى باب الخروج، أخذت أحد الكراسي وحطمت النافذة اندفع الدخان داخل الغرفة أحست بالاختناق نظرت إلى أسفل فوجدت رجال الدفاع المدني يحاولون الصعود إليها جذبت إليها آخر ثلاث طالبات داخل الفصل حملتهن ووضعتهن على سلالم الإنقاذ، وحين همت بالخروج كانت النيران قد حاصرت المكان والدخان أطبق عليها من كل جهة، نطقت بالشهادة وهي تودع ابنتها ريم، فكانت صورة ريم آخر ما رأت.