بقلوب ملؤها الايمان بقضاء الله وقدره تلقينا نبأ وفاة فضيلة الشيخ العالم الجليل/ السيد عبدالرحمن بن حمزة المرزوقي الذي دفن بمقابر المعلاة بمكةالمكرمة يوم الاثنين التاسع من شوال 1422ه، عن عمر يناهز الخامسة والسبعين عاماً. وبفقده فقدت مكةالمكرمة علماً من أعلامها، ورمزاً من رموزها، عمل للحق والصدق والعدل طوال حياته، فقد كان موسوعة فقهية، تلقى العلم، وخاصة الفقه الحنفي على يد جده العلامة السيد محمد عبدالرحمن المرزوقي الذي كان من علماء المذهب الحنفي بالمسجد الحرام، كما درس العلم في الأزهر، وكان والده السيد حمزة رحمه الله من فضلاء مكةالمكرمة. سعى للخير، وإيصاله لمحتاجه، راغباً في الإحسان، متمسكاً بآداب الإسلام، وقد كان من أهدافه جمع الشمل والنهوض بالمستوى الديني الإسلامي، قدم لنفسه من البر والخير ما سيجده عند ربه وبارئه. وقد عمل رحمه الله مع والدي فضيلة الشيخ عبدالله بن عمر بن دهيش رحمه الله هو وفضيلة الشيخ/ محمد بن جبير رئيس مجلس الشورى حالياً، وفضيلة الشيخ/ عبدالله البسام المدرس بالمسجد الحرام حالياً، أطال الله عمرهما، حيث كان والدي رئيساً للمحكمة الشرعية الكبرى بمكةالمكرمة. وقد كان لنبأ فقده عظيم الألم في قلوبنا، فقد كانت تربطني بمعاليه صلة كبيرة، فقد عملت معه في المحكمة الشرعية في بداية حياتي ملازماً قضائياً، حيث كان رحمه الله قاضياً. ثم بعد ذلك عملت معه قاضياً بالمحكمة الشرعية الكبرى فترة تزيد على خمسة عشر عاماً، حتى أصبح مساعداً لرئيس المحكمة آنذاك فضيلة الشيخ/ سليمان بن عبيد رحمه الله فكان السيد رحمه الله خير صديق وزميل. وخلال فترة عملي الطويلة معه كنت أجده دائماً طلق الوجه، طيّب الكلام، لطيف المَعْشر، مؤدباً أدباً جَمّاً، ذا خلق كريم، وسماحة نفس، وكان يمثل مهابة القضاء وحنكته، ذا شخصية وإرادة قويتين، وعلو همة، وكل مَنْ عرفه وعمل معه يثني عليه ثناءً كبيراً، وقد حزن لفراقه بعد وفاته حزناً كبيراً، ودعا له بالرحمة والغفران. رحم الله الشيخ المرزوقي رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، فقد ترك خلفه من الذكر الحسن ما لا تتسع له هذه العجالة لذكره، فقد كان عَفّ اليد واللسان، لطيف المعشر، متفانياً في خدمة دينه وبلده ومليكه، وقد تقلد العديد من الوظائف لأكثر من خمسة وأربعين عاماً تدرج خلالها في سلك القضاء بالمحكمة الشرعية الكبرى، والمحكمة المستعجلة، وعضواً بهيئة كبار العلماء، وعضواً بالمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، وعضواً بمجمع الفقه الإسلامي، وكان آخرها مستشاراً بالديوان الملكي. وعرفت فضيلة السيد رحمه الله رجلاً قوياً فطناً صادقاً مخلصاً متفانياً في عمله حريصاً على إحقاق الحق، يتحرى في أحكامه الدقة، ليناً في غير ضعف، ذا شخصية بارزة، عملاً وخلقاً، وقد افتقدنا بموته رجلاً صالحاً، نسأل الله له المغفرة والرحمة وحسن الجزاء على ما قدمه من أعمال جليلة وفيرة. وكان في خبر وفاته رحمه الله مصاب جلل لنا جميعاً وإن ذكراه ستبقى خالدة، خاصة وأنه ترك ذريَّة طيبة، وأبناء صالحين بررة. رحم الله السيد عبدالرحمن المرزوقي وتغمده بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، و«إنا لله وإنا إليه راجعون»