سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القضية الفلسطينية.. مكاسب وخسائر.. «5» حصاد الحرب الأفغانية
رغم الخسائر مازالت الفرصة قائمة لتحقيق مكاسب للقضية الفلسطينية
التصريحات الأمريكية مهمة.. لكنها لم تقدم تصوراً متكاملاً حول الدولة الفلسطينية
رغم أن رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون استغل جيدا اندلاع الحرب في الأراضي الأفغانية في 7 اكتوبر الماضي في مضاعفة إرهابه ضد الشعب الفلسطيني والزيادة في تقتيل أبنائه إلا أن كثيرا من المراقبين لا يتوقفون طويلا عند هذه النقطة باعتبارها إحدى مظاهر الخسارة التي جرتها الحرب في افغانستان على القضية الفلسطينية ويتوقفون طويلا عند التصريحات الأمريكية المتوالية عن إقامة الدولة الفلسطينية بإعتبارها مكسبا كبيرا للقضية نتيجة للحرب في أفغانستان. والإستغلال الإسرائيلي للأحداث ضد الشعب الفلسطيني بدأ منذ اللحظات الأولى لوقوع أحداث 11 سبتمبر وتضاعف مع بداية الحرب في اكتوبر الماضي في ظل انشغال العالم كله بأحداث هذه الحرب وتطوراتها وابتعاده عن متابعة أحداث المواجهة بين الفلسطينيين وقوات الإحتلال الإسرائيلي وحتى من مجرد إدانة تزايد العنف من الجانب الإسرائيلي كما فعلت بعض دول العالم قبل اندلاع الحرب. وتذهب بعض الآراء إلى ضرورة عدم التقليل من أهمية التصريحات التي أدلى بها مسؤولون أمريكيون كبار في مقدمتهم الرئيس بوش ووزير خارجيته كولن باول عن انشاء دولة فلسطينية مشيرين الى ان الولاياتالمتحدة ترددت طويلاً جدا قبل أن تدلي بتصريح يؤيد ضمنياً ومن دون وضوح كامل فكرة انشاء الدولة إلى ا ن جاءت الحرب في أفغانستان لتدفع بالرئيس بوش الى ان يقول تصريحه الشهير بان فكرة دولة فلسطينية كانت دائماً جزءاً من التصور طالما أن حق اسرائيل في الوجود محترم. لكن المراقبين نبهوا في نفس الوقت الى ان التصريح الامريكي الذي جاء على لسان بوش حمل ضمن طياته عددا من الألغام في مقدمتها الربط المطاط بين انشاء الدولة الفلسطينينة واحترام حق اسرائيل في الوجود إلى جانب أن التصريح اكتفى بالقول أن اقامة الدولة كانت جزءا من التصور وهو ما يعني في نظر بعض المراقبين أن هذا التصور قد يوصل إلى دولة فلسطينية وقد يعني أيضا أنه لن يصل إلى تلك الدرجة. على ان آخرين يرون في التصريحات الأمريكية بشأن الدولة الفلسطينية تطورات ايجابية يجب الاهتمام بها لأن الرئيس بوش أعلن بشكل متكرر منذ توليه السلطة أنه لن ينغمس في أحداث الشرق الأوسط لأنه لا يملك ما يقدمه أكثر مما قدمه سلفه كلينتون. ويرى بعض المراقبين أن من ضمن نتائج أحداث 11 سبتمبر ثم اندلاع الحرب في أفغانستان وما سبقها من انشاء الحلف الدولي ضد الإرهاب أن الإدارة الامريكية واجهت لأول مرة منذ زمن طويل مواقف عربية متوالية تصر على ضرورة معالجة الموضوع الفلسطيني أولا مما أدى إلى أن تضغط واشنطن بدورها على شارون لكي يوافق على لقاء وزير خارجيته بيريز بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وهو الأمر الذي عرقله شارون كثيراً. فيما يشير محللون إلى ان الأطراف العربية تفاعلت مع تصريح بوش بشأن الدولة الفلسطينية على أساس ان ذلك سيقود إلى تحقيق عدة أمور أهمها ضغط دولي على اسرائيل لتوقف إرهابها ومبادرة امريكية يتم إعلانها انطلاقا من أسس الشرعية الدولية وبهدف انشاء الدولة الفلسطينية، ومع بدء الحرب الأفغانية وتطوراتها تحول الموقف الأمريكي من دعم للعرب في الموضوع الفلسطيني إلى ضغط على العرب بنفس الموضوع وظهر ذلك في اصرار الرئيس بوش على رفض لقاء عرفات وحتى مجرد مصافحته في لقاء عابر بأروقة الأممالمتحدة ثم رفض بوش مبدأ صدور مبادرة حول الموضوع الفلسطيني باسم الرئاسة الأمريكية دون أن يمانع في صدور هذه المبادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية وهو الأمر الذي رد عليه وزير خارجيته باول بضرورة أن يتوفر لأي بادرة يعلنها دعم الرئاسة الأمريكية حتى لا يتحمل باول وحده مسؤولية فشلها. كما أن تطورات الحرب في أفغانستان لصالح الولاياتالمتحدة أدت إلى تحول أمريكي من الايجابية إلى السلبية ازاء الموضوع الفلسطيني بل تحول إلي مساومات بشأن اطلاق مبادرة امريكية في مقابل الموافقة العربية على فرضية ضربات امريكية لدول ومنظمات عربية. غير أن الكثير يرون أيضا بعضا مما يمكن وضعه في ميزان المكاسب لصالح القضية الفلسطينية بعد الحرب في أفغانستان ومن ذلك اعلان اسرائيل وللمرة الأولى من منبر الأممالمتحدة قبول إقامة دولة فلسطينية وذلك على لسان وزير الخارجية بيريز الذي اعتبره المراقبون انه يسعى إلى اصلاح أخطاء شارون والتي يخشى بيريز ان تضع اسرائيل في مواجهة مع الولاياتالمتحدة وذلك رغم أن بيريز لم يتحدث بكلمة واحدة عن حدود الدولة الفلسطينية وهي النقطة موضع الجدل في الأمر كله. ثم جاءت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي كولن باول بشأن الدولة الفلسطينية لتزيد من تفاؤل بعض المراقبين بشأن تطورات ايجابية في الموقف الأمريكي تجاه فلسطين بعد الحرب في أفغانستان وهي نفس التصريحات التي قوبلت بحذر من مراقبين آخرين رأوا أن باول لم يضف جديدا سوى أنه أعاد الأمور إلى أيدي اسرائيل مرة أخرى وأوقف كل خطوة على موافقتها عليها. والخلاصة من كل ذلك أن هناك ما يشبه الإتفاق على أن الأحداث الأخيرة دفعت قطاعات كبيرة ومهمة في الولاياتالمتحدة للمطالبة بسياسة أمريكية جديدة نحو اسرائيل والعرب واعادة النظر في سياسات الماضي واستبدالها بسياسات أكثر عدلا وتنبها وتماسكا. الموقف على الساحة الأوروبية أكثر وضوحا فهناك ما يشبه الإتفاق الذي زاد بعد الحرب على ضرورة وجود تحرك إيجابي تجاه الموضوع الفلسطيني وبرزت إحدى مظاهر ذلك في زيارة وفد الترويكا مؤخرا الى المنطقة. أما على الساحة العربية فإن أكثر المكاسب وضوحا بالنسبة للقضية الفلسطينية بعد اندلاع الحرب في أفغانستان أن هناك اجماع عربي على المستويات الرسمية والشعبية على رفض أي أتهام من أية جهة لمنظمات المقاومة الفلسطينية بالإرهاب وتحذيرات من عدم قبول ذلك سواء من الولاياتالمتحدة أو غيرها من الأطراف وهو الذي يعني إجماعا عربيا على الإعتراف بمشروعية هذه المنظمات وأعمالها الفدائية ضد الإحتلال الإسرائيلي. ويبقى أن هناك ما يشبه الإتفاق أيضا على أن ادارة بوش لم تقدم حتى الآن تصورا متكاملا لحل النزاع العربي الاسرائيلي وأنها لا تملك أساسا هذا التصور وأن حديث أقطابها ومن خلفهم أقطاب الحكومة البريطانية عن حق الفلسطينيين في دولة، وجولات بلير والمبعوثين الأوروبيين والروس واخيرا الأمريكيين في المنطقة ليست سوى محاولات لذر الرماد في عيون العرب والفلسطينيين ولا يتضمن جديدا ولم يصب حتى الآن في طريق تحقيق مكاسب حقيقية للقضية الفلسطينية.