ربما تكون سيرة القائد الفيدرالي إدغار هوفر غامضة أو غير معروفة عند الكثير من الذين شاهدوا الفيلم الذي تم عرضه مؤخرًا في صالات السينما، لكن اسم إدغار هوفر معروف ومشهور لدى أوساط المؤرخين والسياسيين المخضرمين. يعرف عن هوبر انضباطه في العمل واختياره لأفضل العناصر أثناء عمله في مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI لكن سمعته القوية لم تجعله بعيدًا عن الفضائح والصدمات التي يتلقاها من أعدائه داخل مكتب التحقيقات الفيدرالي أو خارجه. معروف عن إدغار هوفر أنه حريص كل الحرص على جمع أرشيف ضخم من الفضائح والأسرار لأي مرشح ينوي التقدم لسباق الانتخابات الأمريكية لرئاسة البيت الأبيض، فهو بذلك ضمن بقائه في مقعده لسنوات طويلة، وسببت سياسته هذه إضعاف خصومه لأنهم يواجهون ضغطًا من كبار الشخصيات في البيت الأبيض والذين يجدون أنفسهم مضطرين للدفاع عن إدغار هوفر لأنه سيقدم كل ما يملك من صور وأدلة تدينهم للإعلام الأمريكي. إدغار هوفر يتبع سياسة عدم تسريب أي فضيحة في حالة ضمانه أن السياسي المستهدف سيقف في صفه أمام أعدائه، سيرة مثل هذه تجعلنا أمام فيلم مشاهدته ستكون ممتعة خصوصًا أن ما علمانه أن إدارة الفيلم ستكون من قبل شخص متمرس وخبير مثل كلينت استود وكاتب سيناريو متمكن مثل داستن لانس بلاك «صاحب نص فيلم ميلك» وطاقم تمثيلي رائع بقيادة لينارديو ديكابريو، ولكن ما حدث هو القيمة الفنية المتوقعة لم تكن بمثل تلك السيرة المذهلة على مستوى الورق. تعامل كلينت استوود الفني مع الفيلم كان جيدًا، لكن اختياره وموافقة على النص كانت غير موفقة، هناك عبث للزمن لم يكن ضروريًا في الفيلم، هناك سقوط ذريع على مستوى التمثيل رغم اجتهاد لينارديو ديكابريو الذي قدم أفضل أدوراه مثل فيلم «الراحلون»، هناك أيضًا تفاوت شديد في مستوى بناء الشخصيات التي لم تكن مقنعة على المستوى التاريخي للأحداث. لكن على الجانب الآخر نجد الفيلم من الناحية الفنية من أفضل ما يمكن، حيث نشاهد مكياجًا من أفضل ما قدم في السنوات الأخيرة، الممثل لينارديو ديكابريو نشاهده في عمر الستين عامًا وكأنه فعلاً بنفس العمر، لا وجود لأي هفوة على مستوى الإضاءة والتصوير، الديكور متميز ويجعلك فعلاً تعيش أجواء حقبة منتصف القرن الماضي. خلاف الإنجاز الفني الفيلم لا يقدم نفسه كأفضل إنتاجات العام على الرغم من مستوى الإنتاج المبذول والضخم جدًا في الفيلم، لأننا نتعامل مع منتج بقيمة راون هاورد الذي سبق له أن أنتج أفلامًا رائعة بقيمة Frost - Nixon مع وMulholland Dr