«منهج خطير» إخراج: دافيد كروننبرغ – تمثيل: مايكل فاسبندر، كيرا نايتلي... للوهلة الأولى يبدو فيلم كروننبرغ الجديد، فيلماً عن الصراع العلمي بين رائد التحليل النفسي فرويد وتلميذه الأهم كارل غوستاف يونغ. هذا الصراع موجود في الفيلم، وكذلك توجد فيه الجهود الأولى لتبيان تأثير الجنس في الحياة الاجتماعية وفي سلوك الناس. غير ان المهم ليس هنا، المهم هو حكاية الحب التي تغلف ذلك كله بين يونغ ومريضته الروسية سابينا، التي بعدما تشفى من الهستيريا من طريق الكلام وتغرم بمداويها البارد المحافظ يونغ، تصبح بدورها عالمة في التحليل النفسي لتقف مع فرويد على الضد من يونغ... فيلم مميّز وربما فريد من نوعه على رغم أنه ينضوي ضمن المعتاد من سينما مخرجه الكندي في مجال درس العلاقة بين الروح والجسد لدى الكائنات البشرية. } «هوغو...» إخراج: مارتن سكورسيزي – تمثيل: بن كنغسلي، جاد لاو... وإن كان من الصعب على هاوي السينما ان يدرك منذ البداية ان هذا الفيلم يمكن ان يكون منتمياً الى عوالم سينما سكورسيزي، لا بد من القول إن هذا الهاوي بعدما يشاهد الدقائق الخمس الأولى من الفيلم سيجد نفسه امام سكورسيزي حقاً، وسيقول إن هذا المبدع الأميركي الكبير كان لا بد له حقاً ان يحقق فيلماً من هذا النوع في نهاية الأمر، فنحن هنا أمام فيلم عن السينما في بداياتها الجميلة ومن خلال واحد من أهم روادها كسينما للخيال والتخيل. أي امام جورج ميلياس إنما منظوراً اليه بعيني طفل –هو الشخصية المحورية – يعيش في محطة قطار في باربس الثلاثينات تحت ظل ساعة ضخمة... وهذا الفتى في عيشه ذاك بين الزمن والسفر يصل الى السينما من خلال اكتشافه ان خلف بائع اللعب المتقاعد هناك ذلك السينمائي الرائد وقد أضحى عجوزاً فقيراً بائساً يحمل من الأسرار ما كان يمكنه ان يأخذه معه الى قبره لولا سحر السينما وجنونها. } «ج. إدغار» إخراج: كلنت إيستوود - تمثيل: ليوناردو ديكابريو... يقيناً أنه بالكاد كان يمكن أحداً ان يصدّق لسنوات قليلة خلت أن إيستوود الذي كان يعرف بكونه على الشاشة «المفتش هاري القذر»، سوف يُقْدِم ذات يوم على تحقيق مثل هذا الفيلم... والفيلم عبارة عن سيرة «حقيقية» لإدغار هوفر مؤسس مكتب التحقيقات الفيديرالي في الولاياتالمتحدة، والذي كان طوال رئاسته له -لعقود- أشبهَ بدولة داخل الدولة ومحطَّ رعب حقيقي لكل من لا يحب ان يكون امتثالياً ويمينياً. اما هنا، في هذا الفيلم، فها هو إيستوود يأتي ليقول لنا إن الرجل كان «شاذاً جنسياً»، وإنه كان له في شخصيته جانب إنساني!! للوهلة الأولى قد يبدو هذا مستغرباً من جانب إيستوود، غير ان الذين يتابعون مسيرة هذا الفنان الذي يتحوّل اكثر واكثر من ممثل الى مخرج –ويصبح واحداً من كبار المبدعين الأميركيين في هذا المجال- ربما سيدركون بسرعة ان هذا التطور من اقصى اليمين الى سمات ديموقراطية وانسانية في فنه وشخصيته، يبدو طبيعياً الى درجة يمكننا معها ان نتساءل: كيف ستكون خطوته التالية؟ } «السيدة» إخراج: لوك بيسون – تمثيل: ميشال يوا، دافيد تويليس كثر من الذين قصدوا هذا الفيلم لمشاهدته قصدوه طبعاً انطلاقاً من توقهم لمعرفة أشياء كثيرة عن حياة المعارضة سان سو كي وكفاحها، هي التي بلغ نضالها ضد الدكتاتورية الحاكمة في بلدها بيرمانيا أنها نالت في النهاية جائزة نوبل للسلام. ولكن هناك من شاهدوا الفيلم ليروا كيف يمكن لأكثر المخرجين الفرنسيين تأمركاً ان يعالج، مرة في مساره السينمائي، موضوعاً جدياً... هؤلاء ضحكوا كثيراً وهم يشاهدون الفيلم. اما الآخرون، الأكثرية، فإنهم بكوا حقاً، وذلك ان بيسون، إذ شاء ان يحقق فيلم سيرة يدعو الى التفكير والتعاطف، خرج الفيلم من بين يديه مدرّاً للدموع بشكل يصعب على غير السينما الهندية تحقيقه. أما بالنسبة إلى التعاطف مع السيدة المناضلة، فإنه تحقق بالفعل، إنما من طريق البكاء والشفقة الإنسانيين، مع ان المطلوب كان بالطبع تعاطفاً سياسياً يأتي من طريق العقل.