إن الأمة تمر في ظل احتلال جغرافي وفكري واقتصادي وقد تطور هذا الاحتلال إلى استعمار من نوع جديد فاليوم نرى المحتل يسيطر على القرار السياسي بطريقة أو بأخرى متجاهلا إرادة الشعوب ومسخفا رؤى المثقفين والفنانين فرسام الكاريكاتير هو جزء من هذا الحراك الثقافي الشعبوي وهو إنسان يتأثر بكل المتغيرات الحياتية الجارية حوله في ظل الاعتقال والحصار والحروب الشاملة بكل وسائل الدمار من المستعمر وسجان المستعمر ضد المثقف العربي والشعوب العربية. وفي الوقت الراهن يواجه رسام الكاريكاتير العربي تحديات أكبر ومسؤولية مضاعفة بخضم انتفاضات الربيع العربي كفنان صاحب رسالة، وكمواطن يفرض عليه واجبه الوطني إن يكون مشاركا في نضال شعبه معبراً عن حال آلامه وهمومها. إلا أن هذه الظروف والتحديات، رغم قوتها وشدتها، هي التي أعطت للكاريكاتير العربي نكهته الخاصة وكان أبرز من عبر عن هذا الفن في ربيعنا العربي ومطالب شعوبنا رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات ومن قبله الفنان الشهيد ناجي العلي والفنان محمود كحيل.. رحمهم الله إضافة إلى غيرهم من رسامي الكاريكاتير العرب المناضلين تفاعلوا ذلكم الرسامين مع الحراك الشعبي من الانتفاضة الفلسطينية إلى احتلال العراق وصولاً إلى الثورات العربية تفاعل عميق يعبرون من خلاله عن ضمير الشعوب العربية، ومن هنا برز دور الكاريكاتير العربي كوسيلة نضالية أكثر منها وسيلة فنية، أداة تعبر عن نضال الشعوب العربية بطريق صادقة لا مداهنة فيها أي أن -الحقيقة لدية لا تتجزأ- إن جاز التعبير. كما أن دور رسام الكاريكاتير يكاد لا يختلف عن دور الفنان التشكيلي عموما، بغوصه عميقا بالذات الشخصية الجامحة وابتداعه طريقة معينة للتعبير عن المكنونات الفكرية لديه لعكس الواقع بصورة جمالية أو هزلية معبرة سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية. يتميز فنان الكاريكاتير بملاحقته للحدث اليومي أو محاولة استباقه، كما يعتبر فنان الكاريكاتير بشكل أو بآخر مؤرخا ومحللا وناقوس خطر، بطريقة خاصة، سهلة، ساخرة في بعض الأحيان غاضبة أحياناً أخرى. إن هذا الفن يهدف لفضح عنصر تفجير السخرية لدى القارئ. برمزية أكبر وخطوط أقل بانتزاعه الابتسامة من قلب الألم.