في كلمته خلال المؤتمر الأول لحوار الطاقة أكد المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة والمعدنية: أن المؤتمر يبعث برسالة واضحة تؤكد قدرة المملكة على إنتاج الأبحاث العلمية التي تتسم بالاستقلالية ذات المستوى العالمي حول المسائل الحيوية المتعلقة بالطاقة، بل وحول التزام المملكة بأن تكون شريكا فعالاً ومهماً في مناقشة قضايا الطاقة العالمية، مضيفا: أن المؤتمر يعد تدشيناً لأعمال ونشاطات مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية ويمثل خطوة هامة للأمام بالنسبة للمملكة، وقال: يتعين على الدول الناجحة أن تتسم بالتنوع في اقتصاداتها وثقافاتها ومعارفها، ليس فقط باعتبارها دولاً مستهلكة، وإنما كدول منتجة ونشطة، والاحتفاظ بصدارة الدول المنتجة للطاقة في العالم لا يكفي لضمان هذا النجاح المستقبلي، بل لابد أن تسعى المملكة جاهدةً لإيجاد اقتصاد قائم على المعرفة مدعوماً بقدرات شعبها وطاقاته، وهذا الأمر سيسعى المركز للمساهمة في تحقيقه. وأوضح النعيمي: إن مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية يمثل بالنسبة للمملكة لبنة هامة في مسيرة التطور العلمي والفكري، وما هو إلا واحدٌ من هذه الإنجازات التي تجسدت فيها هذه الرؤية، إننا نبني اليوم مؤسسات علمية جديدة تكمِّل منظومتنا التعليمية المتميزة بهدف الاستزادة من شتى ألوان المعرفة في جميع المجالات العلمية حول مسائل مثل الطاقة والبيئة، وأضاف: هذه ليست مجرد أفكار وطموحات، بل إنها إجراءات فعلية أخذت حيز التطبيق، منها تأسيس جامعة مرموقة هي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وابتعاث أكثر من مائة وثلاثين ألف طالب سعودي وطالبة من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي للدراسة في مختلف أنحاء العالم، وإنفاق استثمارات كبيرة في التعليم على جميع المستويات، وزيادة التمويل المتاح للأبحاث في الجامعات، ومراكز الأبحاث الوطنية بصورة كبيرة. وتابع النعيمي: أن مركزالملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية هوأيضًا جزء أساسي من مبادرة أوسع نطاقًا تهدف إلى إيجاد مراكزعلمية ذات مستوى عالمي في المملكة، وهذا التزام جاد على المدى البعيد، سيستفيد منه هذا الجيل والأجيال القادمة في إطار سعينا لتحقيق مستقبل ينعم فيه شعبنا بالسلم والرخاء والتطور. وقال: كان للتحليلات والأبحاث التي تتسم بالاستقلالية والخبرة، دورٌ حيوي في تحقيق التقدم التقني ووضع السياسات التي تمثل حلولاً لمشكلات قائمة، وفهم الصناعة في مختلف أنحاء العالم، مما أتاح للحكومات والشركات والأفراد اتخاذ قراراتهم بناء على معلومات وافية ودقيقة. وهذا ما يسعى المركز إلى تعزيزه، إننا نعتقد بضرورة ملء الفراغ الكبير في مجال أبحاث الطاقة ووضع سياستها من خلال مركز عالمي المستوى يتناول قضايا الطاقة من منظوركبار منتجي الطاقة ومستهلكيها في آن واحد، وسيكون هذا المركز معداً بصورة فريدة من نوعها ليس فقط لدراسة قطاع الطاقة السعودي وإيجاد فهم متعمق لتوجهات إنتاج الطاقة واستهلاكها في المملكة، بل ولاستقرار أسواق الطاقة ومن ثم استقرار الاقتصاد العالمي. وزاد النعيمي : بالنظر إلى التغيرات التي يشهدها العالم اليوم يدرك الجميع مدى ارتباط الدول واعتماد بعضها على بعض بالإضافة إلى ضرورة توفر رؤى وأفكار جديدة. فهناك العديد من العوامل التي تؤثر على الاتجاه العالمي العام، كالأزمة الاقتصادية التي عانى منها العالم مؤخرًا، وتحوُل القوة الاقتصادية باتجاه قارة آسيا، والتطورات السياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتذبذبات المستمرة في أسعار السلع الأساسية، والمخاوف المتعلقة بالتغيّر المناخي، فرغم أن هذه العوامل تعيد تشكيل النظام العالمي، إلاأن كيفية استجابة كل دولة لهذه التغيرات هي التي ستحدد بدرجة كبيرة ما إذا كانت هذه الدولة ستحقق النجاح أم ستتخلف عن ركب الاقتصاد العالمي خلال القرن الحادي والعشرين، وهذه التطورات – بطبيعة الحال - تفرز تحديات غير اعتيادية لمنتجي الطاقة عمومًا، ولقطاع الطاقة في المملكة على وجه الخصوص، وسوف يتناول مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية هذه المسائل بصورة تتماشى مع البُنية الاستراتيجية لقطاع الطاقة في المملكة والإيمان الراسخ بأن استقرار إمدادات الطاقة والأعمال المرتبطة بها يعد أمرًا ضروريًا للتنمية الاقتصادية، ليس للمملكة فحسب وإنما للعالم أجمع. وقال: هدفنا هو تقديم إسهامات كبيرة في مجال المعرفة والتحليل الإستراتيجي المتعلق بأسواق الطاقة من أجل أن يتمكن واضعو السياسات في المملكة وخارجها من توظيف تلك المعارف لمواجهة تحديات الطاقة المستقبلية. وأضاف النعيمي: لقد كانت المملكة تتلقى دراسات الطاقة وتحليلاتها إلى حد كبير بدلا من أن تكون مصدرا لها، فعلى مدى سنوات طويلة استثمرنا الكثير من أجل زيادة طاقتنا الإنتاجية، والمساهمة في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة، ولكن ينبغي علينا اليوم أن نركز على تطوير قدراتنا التحليلية المحلية، وزيادة المخزون المعرفي حول القوى المؤثرة والمحفزة في مجال صناعة الطاقة على الصعيدين المحلي والدولي، ومن هنا فإننا نشهد انطلاق مؤسسة بحثية قوية قادرة على وضع تقييم دقيق لقطاعي الطاقة المحلي والعالمي، والمساهمة بوجهات نظر ومعلومات مفيدة في حوار الطاقة، مثل قدرة النفط الخام على المساهمة على الصعيد العالمي، وإمكانية إنتشار مصادر الطاقة المتجددة، وتأثير التقنيات الجديدة على أسواق الطاقة. وشدّد النعيمي على استقلالية المركز»، اليوم وفي هذا المكان، أؤكد على أن هذا المركز سيبقى مؤسسة تتمتع بالاستقلالية التامة من النواحي القانونية والإدارية والمالية، لذا أدعوكم جميعاً لدعم ومساندة هذا المركز وجهوده في مجالات الطاقة والاقتصاد والبيئة، فضلا عن جمع البيانات وتحليلها، والأخذ بزمام المبادرة والمشاركة الفعالة في نشاطات المركز التطويرية لمافيه من خير للمملكة بشكل خاص، وللعالم أجمع.