شدد وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي على ضرورة تطوير القدرات التحليلية المحلية للطاقة، وزيادة المخزون المعرفي حول القوى المؤثرة والمحفزة في مجال صناعة الطاقة على الصعيدين المحلي والدولي، رابطاً في الوقت ذاته نجاح الدول في اللحاق بركب الإقتصاد العالمي بكيفية الاستجابة للمتغيرات العالمية في ظل الأزمات الاقتصادية وتحول القوة الاقتصادية باتجاه قارة آسيا، إلى جانب التطورات السياسية والمخاوف المتعلقة بالتغير المناخي. ودعا النعيمي خلال افتتاح منتدى حوار الطاقة 2011 الذي ينظمه مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية بالرياض ويستمر ثلاثة أيام تحت شعار "شراكة من أجل مستقبل مستدام"، إلى توفير رؤى وأفكار جديدة، حيال ما تفرزه المتغيرات العالمية من تحديات لمنتجي الطاقة عموماً، ولقطاع الطاقة في المملكة على وجه الخصوص. وقال النعيمي: "المملكة كانت تتلقى دراسات الطاقة وتحليلاتها إلى حد كبير بدلا من أن تكون مصدرا لها، فعلى مدى سنوات طويلة استثمرنا الكثير من أجل زيادة طاقتنا الإنتاجية، والمساهمة في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة، ولكن ينبغي علينا اليوم أن نركز على تطوير قدراتنا التحليلية المحلية، وزيادة المخزون المعرفي حول القوى المؤثرة والمحفزة في مجال صناعة الطاقة على الصعيدين المحلي والدولي". وأضاف: إننا نعتقد بضرورة ملء الفراغ الكبير في مجال أبحاث الطاقة ووضع سياستها من خلال مركز عالمي المستوى يتناول قضايا الطاقة من منظور كبار منتجي الطاقة ومستهلكيها في آن واحد، وسيكون هذا المركز معداً بصورة فريدة من نوعها ليس فقط لدراسة قطاع الطاقة السعودي وإيجاد فهم متعمق لتوجهات إنتاج الطاقة واستهلاكها في المملكة، بل ولاستقرار أسواق الطاقة ومن ثم استقرار الاقتصاد العالمي. وأشار إلى أن مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، سيتناول هذه المسائل بصورة تتماشى مع البُنية الاستراتيجية لقطاع الطاقة في المملكة والإيمان الراسخ بأن استقرار إمدادات الطاقة والأعمال المرتبطة بها يعد أمرًا ضروريًا للتنمية الاقتصادية، للمملكة وللعالم أجمع، مضيفاً أن هدف المركز يكمن في تقديم إسهامات كبيرة في مجال المعرفة والتحليل الاستراتيجي المتعلق بأسواق الطاقة من أجل أن يتمكن واضعو السياسات في المملكة وخارجها من توظيف تلك المعارف لمواجهة تحديات الطاقة المستقبلية. وعد وزير البترول المنتدى الأول لحوار الطاقة الذي يعد تدشيناً لأعمال ونشاطات مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، خطوة هامة للأمام بالنسبة للمملكة، وهو أيضاً يبعث برسالة واضحة عن قدرة المملكة على إنتاج الأبحاث العلمية التي تتسم بالاستقلالية ذات المستوى العالمي حول المسائل الحيوية المتعلقة بالطاقة، بل وحول التزام المملكة بأن تكون شريكا فعالاً ومهماً في مناقشة قضايا الطاقة العالمية. وقال: "لقد أدرك خادم الحرمين الشريفين، بحكمته أن تقدم الشعب السعودي ورخاءه المستقبلي وقدرته على المشاركة على الساحة العالمية إنما هي أمور تتطلب تبني رؤية جديدة وجريئة، إذ يتعين على الدول الناجحة أن تتسم بالتنوع في اقتصاداتها وثقافاتها ومعارفها، ليس فقط باعتبارها دولاً مستهلكة، وإنما كدول منتجة ونشطة، والاحتفاظ بصدارة الدول المنتجة للطاقة في العالم لا يكفي لضمان هذا النجاح المستقبلي، بل لا بد أن تسعى المملكة جاهدةً لإيجاد اقتصاد قائم على المعرفة مدعوماً بقدرات شعبها وطاقاته، وهذا الأمر سيسعى المركز للمساهمة في تحقيقه". وأكد أن مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية يمثل بالنسبة للمملكة لبنة هامة في مسيرة التطور العلمي والفكري، مضيفاً: "إننا نبني اليوم مؤسسات علمية جديدة تكمِّل منظومتنا التعليمية المتميزة بهدف الاستزادة من شتى ألوان المعرفة في جميع المجالات العلمية حول مسائل مثل الطاقة والبيئة، وهذه ليست مجرد أفكار وطموحات، بل إجراءات فعلية أخذت حيز التطبيق، منها تأسيس جامعة مرموقة هي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وابتعاث أكثر من مئة وثلاثين ألف طالب سعودي وطالبة من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي للدراسة في مختلف أنحاء العالم، وإنفاق استثمارات كبيرة في التعليم على جميع المستويات، وزيادة التمويل المتاح للأبحاث في الجامعات، ومراكز الأبحاث الوطنية بصورة كبيرة". وشدد النعيمي على أن المركز سيبقى مؤسسة تتمتع بالاستقلالية التامة من النواحي القانونية والإدارية والمالية، وهذه الاستقلالية ستكون أساس نجاح المركز في المستقبل. من جانبه قال رئيس مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية خليل الشافعي إن المملكة تشهد زيادة في الطلب على الطاقة فبحلول عام 2035، سيصل معدل استهلاكها من الطاقة، بما في ذلك الزيت والغاز وسوائل الغازالطبيعي، إلى ما يعادل 8 ملايين برميل من الزيت المكافئ يوميًا، بافتراض أن الوضع الحالي يستمر كما هو من غير تغيير. وشدد على أن الحاجة تقضي القيام باستثمارات ضخمة في مختلف قطاعات أعمال الطاقة المحلية المضيفة للقيمة لتلبية هذا الطلب، بدءًا من إنتاج الزيت الخام والغاز وصولاً إلى توليد الكهرباء وتوزيعها.