وهكذا تم اختيار ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - أصدر قراره الحكيم لأن المملكة العربية السعودية قائمة على نظام الدولة المؤسساتية التي استمدت أسسها من نظرة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - العبقرية والبعيدة الأفق والذي بذر فيها هذه السلاسة السياسية وتنقل المناصب الكبرى بيسر ووضوح لا يحتاجان لقراءات مجتهدة، وهذا سر من أسرار سياسة الملك عبدالعزيز المباركة التي أودعها لدى أبنائه الأجلاء وشعبه الأصيل ووطنه الخالد بوجود الحرمين الشريفين. بالأمس ذرف الوطن دموع الفقد والمصاب على أمير الإنسانية الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود وما زال الحزن يخيم على الوجوه والقلوب التي ملكها بابتسامته الصافية النقية والكريمة، لكن هذا الحزن الكبير أعقبه فرح كبير بإصدار خادم الحرمين الشريفين قراره بعد إشعار هيئة البيعة باختيار الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية، هكذا في مسيرة الوطن كلما غاب رجل جاء من يحل محله وبكفاءة واقتدار، فذلك تنقل من مرحلة إلى أخرى بوضوح وبساطة، منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والحياة تسير وفقاً لمنهاج بيّن المعالم مما أدى إلى سلامة المجتمع من أعباء التوقفات الطارئة ووسط تأييد كامل من فئات المجتمع ومؤسساته. صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز عاصر الرياض حين كان وكيلاً لمنطقة الرياض عام (1371ه) ثم أميراً لها عام (1372ه) ليقف على احتياجاتها الأولى للانطلاق نحو آفاق حضارية لتتويجها شعبياً ودولياً عاصمة للمملكة العربية السعودية من خلال معالمها المدنية المكتسبة والإنسانية المتأصلة، ثم نائباً لوزير الداخلية عام (1390ه) فجلس بجوار أحد أبرع السياسيين في التاريخ الوطني هو خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- ولا بد أنه تلقف كثيراً من الخبرة والممارسة المعمقة، ثم وزيراً للداخلية عام (1395ه) عاصر خلالها ملفات شائكة أكبرها وأكثرها خطراً الإرهاب منذ حادثة الحرم المكي الشريف، ثم وقفة -سموه- الحازمة أمام هذا الإرهاب مرة ثانية في ظهوره الثاني قبل أكثر من عقد وتجفيف منابعه وأفكاره بصفة شبه كلية حتى أن مؤسسات أممية دولية أشادت باستراتيجية التصدي لهذه الشأفة الفاسدة والخارجة على كل الأديان وعلى العرف الإنساني المسالم، بل حتى أن بعض الدول استنسخت تجربة وزارة الداخلية السعودية في مكافحة الإرهاب ومعالجته وسد مسارب الإمداد المالي له، سمو ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية شخصية حازمة وقت الحزم لينة حين يتوجب اللطف واللين حتى في مسألة مكافحة الإرهاب كانت قوات الأمن تطارد الإرهابيين وتواجههم حيث ثقفتهم وفي الجانب الآخر كانت فرق المناصحة توضح لآخرين من المغرر بهم وسطية الإسلام وسلامة المجتمع السعودي من شوائب رُمي بها من قبل حاقدين يريدون نشر الفساد والدم في الأرض. إن للأمير نايف بن عبدالعزيز من السيرة الممتلئة بالخبرة والتفاصيل الدقيقة لبواطن الأمور في المجتمع السعودي في مراحل مختلفة ومتبدلة ذات مناخات اجتماعية وثقافية وسياسية متنوعة ما يجعله سنداً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - في قادم الأيام والأفكار والتطلعات نحو بناء مجتمع أكثر استيعاباً للجديد، ويكفي سموه - حفظه الله - أنه أرسى قواعد الأمن والاستقرار بفضل من الله عز وجل، وقدم بذلك خدمة لا تنسى للتنمية الحضارية في شعاب الحياة المختلفة، فالأمن هو الأرضية المهمة للبناء والنماء وتلك حقيقة تاريخية وعلمية لا ينكرها أحد. ويكفي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز تميزاً ونجاحاً توليه باقتدار ملف الحج السنوي وخدمته لهذا الجانب الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية وهو خدمة الحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين والمحافظة على سلامتهم وسلامة إجراءات وصولهم للأماكن المقدسة وخروجهم منها. لكن من سيتكلم عن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز لن ينسى الحديث عن دعمه للحركة العلمية والبحثية من خلال حزمة من المشروعات العلمية المتفردة في فكرتها وإنجازاتها تتمثل في الكراسي العلمية التي تحمل اسم سموه - حفظه الله - وكلها تصب في تأكيد المبادئ الإسلامية والفكرية التي قامت عليها المملكة العربية السعودية منها ما يخدم الدراسات الإسلامية واللغة العربية وما يعزز الأمن الفكري وما يوثق الوحدة الوطنية ويمكن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من المشروعات ذات الطابع الشبابي والتنموي، وكذا الدور الرائد التي تقوم به جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية التي بنت وتبنت نظريات علمية لدعم نشر الأمن في العالم العربي، وكذلك جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة والتي سدت حاجة ملحة في الدراسات الإسلامية وتفردت بالفكرة والمضمون وحققت نجاحاً في تنظيمها وأهدافها وقوبلت باستحسان واستبشار جميع المهتمين بالسنة النبوية المشرفة في العالم. حفظ الله لبلادنا ولاة أمرها وسدد على الخير خطاهم، ولا غير الله حالنا وأمننا وحياتنا المستظلة والمستهدية بشرع الله وسنة نبيه في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الحكيمة. والله ولي التوفيق،،، د. فهد بن عبدالله السماري الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز