كثيرة هي المواقف الإنسانية للراحل الكبير صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله مع مختلف الفئات صغاراً وكباراً شباباً وشيوخاً.. وقد كان لا يرد طالباً لعلاج أو حاجة أو غيرها.. عن ذلك تقول لنا المتطوعة في خدمة المجتمع مهى الفهد وبتأثر كبير على رحيل ولي العهد: تخنقني العبرات فتكبح جماح كلماتي لتتعرقل المشاعر عند عتبة سلطان القلوب.. هكذا أطلقت عليه بعدما التم حوله في جنيف عندما أجرى عملية ركبته حشد من رجالات الدولة ورجال الأعمال والمحبين من مواطنيه.. عرفته وأنا غر ذات العشر سنوات واستهديت إليه بقلب المحتاج الكسير فلم يردني خائبة.. جئته عند بابه أطلب لقاءه فساعدني حجابه وأمهلوني لأقف حتى يخرج بسيارته من القصر ثم أحادثه.. خفت بقلبي الصغير وعقلي البريء أن لا يلتفت لي لصغر سني ولكنه كان أرحم مما تخيلت.. فهجمت على سيارته بمجرد وقوفها عند مخرج القصر فصاح سيدي جب البنت.. جب البنت وجئته بلهفة المحتاج وليس معي ورقة أقدمها سوى كلمات بصدري أردت إبلاغه بها.. سألني سيدي: وش فيك يا بنت؟ قلت: أنا بنت فلان.. قال: والنعم.. أبوك وينه ما عاد أشوفه؟ قلت: أبوي جته جلطة سببت له شلل رباعي وأبي أنقله للمستشفى العسكري بالهدا عرفنا أن علاجه هناك.. قال سيدي: وين أخوانك؟ قلت: ما عنده غيري.. قال سيدي: يا محمد خذ المعلومات من البنت وانقلوه للعسكري بالهدا اليوم.. قلت بكل براءة الأطفال: من جدك ولا تمشيني بس.. قال: لا والله من جدي. قلت: ترى أبي أعود لك بكرة لو ما نقلوه. ضحك وقال: أبشري على ها الخشم. وتم بالفعل نقل الوالد رحمه الله بسيارة إسعاف من مشفاه إلى العسكري بالهدا حيث أمضى عامين من العلاج وبعدما منَّ الله عليه بالشفاء عاد إلى البيت.. وبعد فترة جاءنا سيدي زائراً ودار حديث بينه وبين والدي رحمهما الله علمت به لاحقاً.. جملة قالها سيدي حملت أبي على أجنحة الفخر وحملتني معه إلى آفاق من الزهو.. قال سيدي: أنت ما جبت عيال بس الله عطاك قبيلة من الرجال في بنت واحدة أهنيك بها. رحمهما الله فقدت الأب الحاني الرحوم مرتين.. مهى الفهد