وقفت الممرضة جانيت كوين خلف المريض الجالس على المقعد أمامها. وبدأت تحرك يديها حول جسمه بدون أن تلمسه.. من قمة رأسه حتى أصابع قدمه، كأنها تبعد عنه خيوط شبكة عنكبوت كانت عالقة بجسمه. وفي نهاية كل حركة سريعة، وعيناها مغلقتين، كانت تهز يديها بعنف كأنها تنثر قطرات ماء بأطراف أصابعها. وهذا المشهد الذي يبدو منه لأول وهلة ان الممرضة تحاول تنويم الشخص الجالس أمامها، هو في الواقع جلسة علاج يعرف الآن ب«اللمسة الشافية» الذي أصبح واسع الانتشار في الولاياتالمتحدة وبعض البلدان الأوروبية والأمريكية اللاتينية والآسيوية. ويمارس هذا النظام العلاجي الجديد آلاف الممرضات والأطباء. وطبقا للعاملين باللمسة الشافية، فإن العلاج لا يبحث فقط عن راحة المريض واسترخاء جسمه، ولكن أيضا يزيل الألم، وينتج عنه تغير كيميائي في الدم، ويعجل بشفاء المريض. ومن وجهة نظر المعارضين لهذا الأسلوب من العلاج، فإن اللمسة الشافية تعتبر نوعا جديدا من الشعوذة والدجل لا يستند الى أي أسانيد طبية أو علمية. ويقود الهجوم مجموعة من العلماء والأطباء في بولدر بولاية كولورادو، الذين يقومون بتكذيب تصريحات الممارسين للعلاج باللمسة الشافية. وتقول الدكتور بيلا شابير: ان هذه الطريقة العلاجية تشبه الى حد كبير طقوس ميتافيزيقية مغلفة ببعض المصطلحات الطبية والمقولات العلمية المحرفة والموظفة لإبهار الناس واستدراجهم. أما الذين يقومون بالعلاج ب«اللمسة الشافية» فيؤكدون بأن حركة أيديهم تؤدي الى ازالة التوتر والاضطراب في مجال الطاقة الذي يحيط بكل شخص ، وان ذلك الأمر هو الذي يؤدي الى نجاح العلاج. وعلى سبيل البرهان يبرزون عدة تقارير علمية منشورة في مجلات مغمورة أو في الصحف والدوريات التي تهتم بنشر الموضوعات المثيرة واللافتة للنظر. ويسخر البروفيسور فيري بولاو الأستاذ السابق بجامعة نيويورك بهذه الادعاءات ويقول:«لا يوجد أي بحث يؤكد بأن العلاج باللمسة الشافية يحدث أي تأثير ايجابي. وان جميع الأستنتاجات لا تستند لأي أساس. وكذلك فهو يؤكد أنه لا يوجد أي دليل على وجود مجال الطاقة حول الانسان. وعلى الرغم من كل ذلك فإن أسلوب العلاج باللمسة الشافية أصبح يحظى بشهرة واسعة، وبدأ تدريسه في مدارس التمريض، واستخدامه في المشافي. كما ان بعض المراجع الطبية المهمة التي يستعين بها طلبة كلية الطب أصبحت تحتوي على شرح لأسلوب العلاج باللمسة الشافية مثل أي فرع آخر من فروع الطب. في كندا أصبح العلاج الجديد من الأمور العادية، والتقليدية، في العديد من مشافي تورنتو، وفي مشفى سانت لوك بمدينة دينفر بالولاياتالمتحدة أقيم قسم للطاقة، وفي مشفى بريستول بولاية كونتاكيت قام ربع طاقم التمريض بالانتظام في دورة محاضرات عن العلاج باللمسة الشافية. وفي استراليا حققت اللمسة الشافية نجاحا واسعا أيضا. وكانت الضربة القاضية للمعارضين عندما قامت المعاهد الصحية القومية بتخصيص 350 ألف دولار للقيام بأبحاث عن النظام العلاجي الجديد، وكذلك قامت وزارة الدفاع الأمريكية بتخصيص مبلغ 700 ألف دولار لإجراء دراسات حول تأثير اللمسة الشافيةعلى المصابين بالحروق.