إنه يوم تاريخي كما أراد «رجل التأريخ» وصانع الإنجاز، لا يفصله عن ذكرى «تأريخ الوطن» سوى «24 ساعة» ولا يفصل الوطن عن جني ثمار قراره التاريخي سوى «24 شهراً» هي ما بقي من عمر دورة مجلس الشورى الحالية. مرحباً بالمرأة «عضواً في مجلس الشورى» كامل الأهلية، لها ما للرجل تحت قبة المجلس، تقترح وتنتقد وتصوّت، تدرس وتناقش، إنه انتصار للحق والشرع، وتكريم واعتراف بقيمة نصف المجتمع ومربي نصفه الآخر، فعلها عبد الله بن عبد العزيز دون ضوضاء وبكل ثقة، ومن يفعلها غير الكبار أمثاله، علمنا دروساً ومضامين كثيرة في كلمة خرجت من «قلب الأب والقائد» لتستقر في قلوب الملايين حباً وولاءً. سأتوقف عند قوله أيَّده الله «وبعد التشاور مع كثير من علمائنا في هيئة كبار العلماء، وآخرين من خارجها، والذين استحسنوا هذا التوجه، وأيَّدوه» هنا درس كبير ومعنى عظيم «لتواضع الحاكم وحكمته» يؤكّد تلاحم القيادة مع العلماء لكل ما فيه مصلحة المرأة، ولقطع الطريق على كل مشكك في عظم الخطوة التاريخية وشرعيتها. واستشهاد المليك في خطابه التاريخي «بأم سلمة» مهندسة صلح الحديبية التي شارت على الرسول صلى الله عليه وسلم بالرأي الصائب «اخرج يا رسول الله فاحلق وانحر» في القصة المعروفة، يؤكِّد أن ما جاء به عبد الله بن عبد العزيز هو الحق؛ فخير من تقتدي به «المرأة السعودية» هن أمهاتنا من الصحابيات الجليلات، ولا ضير في سماع الرجل «لمشورة المرأة» والعمل بها، فهو فعل خير البشر. بيننا اليوم «9 ملايين مواطنة» حسب آخر إحصائية، أمهات وزوجات وبنات وشقيقات لهن مثل الذي عليهن بالمعروف، سيتحقق حلمهن بالمشاركة السياسية والخدماتية في المجتمع من أوسع الأبواب وسيكون من بينهن عضوات بمجلس الشورى والمجالس البلدية قريباً، وهي فرصة أن تدخل المرأة هذا المجال ناضجة ومستفيدة من تجربة «الرجل» الذي سبقها إلى «قبة المجلس» تحديداً، ومتطلعة للاستفادة من تجارب الآخرين «وفق الضوابط الشرعية» كما قال خادم الحرمين الشريفين، يجب أن تستعد المرأة جيداً وتتسلح بإيمانها بربها ثم حبها لوطنها وولائها لقيادتها لتكون مقدم خير وصاحبة «رؤية بنّاءة» لما فيه رفعة مجتمعها. لقد انتصر خادم الحرمين الشريفين «للمرأة» وأنصفها في يوم تاريخي، ليكون ذلك درساً لكل مقلِّل من شأن أمهاتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا، فالمرأة السعودية اليوم تملك من العلم والتطور والقدرة والرأي الشيء الكثير ويجب أن نتعامل معها على هذا الأساس، من بيننا الطبيبات والمعلمات والمهندسات والمبتعثات وسيّدات الأعمال، لنسمع لرأيهن ولنعترف بقدرتهن وليأخذن كامل حقوقهن وفق «الشرع الحنيف» والعادات والتقاليد المنصفة. كم تمنيت أن «أمي» لا تزال صغيرة في السن، وفي كامل صحتها، لأحلم أن تكون يوماً ما عضواً في مجلس الشورى، لإيماني بقدرة وعظمة «عجائز» لم يبق منهن إلا القليل، ولكن كل «امرأة سعودية» تصل إلى قبة المجلس ستكون لي بمثابة «الأم» التي أنتظر رأيها ومشورتها الصائبة. وعلى دروب الخير نلتقي.