إن التربية موضوع أشغل الكثير من الآباء والمربين وذوي الاختصاص قديماً وحديثاً، وما زالت الدراسات والبحوث جارية حتى يومنا هذا، وذلك للبحث عن أنجع الحلول، وأفضل الطرق للتوصل إلى تحقيق تربية سليمة للأبناء في خضم هذا العصر الذي يعج بالمشاكل والسلوكيات الخاطئة في تربية الأبناء، أو سلوكيات الآخرين من الأولاد وغيرهم. فنحن نرى - اليوم في مجتمعنا - صوراً كثيرة وأشكالاً متباينة ما بين الاضطراب النفسي والسلوكي والاجتماعي سببها إهمال التربية والقصور فيها، أو عدم الوعي بأساليب التربية السليمة مما نتج عنها الآثار السلبية على سلوكيات الأبناء والاعتماد عليها في مواجهة مشاكل الحياة، مما نتج عنه الحياء من مشاركة الأسرة والمجتمع مشاركة إيجابية، والابتعاد عن تحمل المسؤولية وإبداء الرأي خوفاً من النتائج الخاطئة، أو نظرة المجتمع السلبية إليه. فمن المسؤول عن هذه السلوكيات السلبية التي انتشرت بين شباب اليوم؟! ومن السبب في انتشار الأمراض النفسية، وانحراف بعض الشباب إلى طرق مشبوهة أوقعتهم في سموم المخدرات، وغذت عقولهم بالأفكار المنحرفة؟! لا شك أنهم المربون الذين سلكوا طرقاً، واتخذوا أساليب غير واعية في التربية لا سيما من قبل الوالدين، أو غيرهم ممن قصروا في التربية السليمة، وانشغلوا عنهم في هذه الحياة، وانتهجوا أسلوبي العنف والشدة، أو أسلوب اللين والتساهل، وهما أسلوبان لهما الآثار السيئة على سلوك الأبناء، فالابن إذا كان يتلقى الأوامر من والديه: (افعل هذا، ودع ذاك واصمت) وذلك بأسلوب جاف، أو عنيف بعيداً عن التودد والتلطف، أو بأسلوب يحمل معاني التهكم والسخرية، أو كان الابن يعيش حياة منعمة قد ذللت أمامه العقبات، ونفذت له المطالب والرغبات، وترك له الحبل على الغارب حتى أصبح لا يعرف من أمر هذه الحياة إلا القليل. ولماذا تعثر شباب آخرون في الحياة؟! وانتشرت السلوكيات الخاطئة أليس السبب في ذلك الإهمال في التربية، أو انتهاجهم طرقاً غير تربوية، وينبغي على الآباء والأمهات أن يسلكوا مسالك التربية السليمة مع أبنائهم صغاراً التي تسير على مبادئ الدين القويم حتى يطمئنوا على سلوكياتهم، ويرتاحوا كباراً، وينشأ أبناء أقوياء في شخصياتهم، ولديهم الثقة القوية بأنفسهم، والقدرة على مواجهة متقلبات هذه الحياة، وتحفظهم هذه التربية الدينية، وتحصنهم من الأفكار الضالة، والانحراف أو الانجراف خلف رفاق السوء الذين يجرفونهم إلى المهالك والسجون - لا قدر الله - فها هي التربية كلما أعطاها الإنسان ذلك الاهتمام القائم على الركائز الصحيحة كانت الثمار والنتائج محمودة، وكلما كان التفريط في التربية، أو التقصير كانت النتائج سلبية على الأبناء والآباء والمجتمع وإننا اليوم و كل يوم - بحاجة ماسة إلى تكثيف البرامج التربوية، وأخذ آراء التربويين المختصين الذين يقدمون التوجيهات التربوية، والحلول المناسبة لهذه المشاكل التي أثقلت كواهل الأسر، والمجتمعات، حتى يكون لدى المجتمع الوعي بأساليب التربية السليمة، وتطبيقها في هذه الحياة، كي تنشأ أجيال صالحة تخدم الدين والوطن، أجيال واعية تنفع نفسها وتنفع الأسر، وتحافظ على الوطن.