شهد ميدان التحرير بوسط القاهرة انخفاضاً حاداً في أعداد المعتصمين، وذلك بعد قيام القوى السياسية والحركات ومجموعات مستقلين بفض اعتصامهم، فيما شهدت ساحتا الاعتصام أمام المجمع وحديقة الميدان انخفاضاً ملحوظاً في أعداد الخيام إثر مغادرة المعتصمين عقب المظاهرة المليونية الحاشدة التي نظمتها التيارات الإسلامية يوم الجمعة، وكانت المستشفيات الميدانية قد استقبلت 500 حالة إصابة ما بين ضربات شمس وانخفاض وارتفاع في نسبة السكر، بالإضافة إلى حالات كسور نتيجة السقوط على الأرض. فيما توالت ردود الفعل حول مظاهرات الجمعة التي رفعت شعارات الدولة الإسلامية وطالبت بتطبيق الشريعة، وكان من الطبيعي أن يثير ذلك قلق أطراف خارجية عديدة من تنامي قوة التيارات الإسلامية في مصر بعد الثورة، لكن في المقابل عبرت أطراف داخلية عديدة في مصر عن قلقها من مشهد يوم الجمعة بميدان التحرير وعلى رأس هذه الأطراف جاءت الأحزاب والتيارات الليبرالية واليسارية والعلمانية التي أدانت مخالفة التيارات الإسلامية لما تم الاتفاق عليه قبل يوم الجمعة من توحيد المطالب ورفع الشعارات التوافقية ودعم وحدة الصف بين مختلف التيارات الموجودة بالميدان، وهو ما أدى إلى انسحاب 34 حركة وحزبا سياسيا وائتلافات شباب الثورة، من ميدان التحرير يوم الجمعة بسبب ما وصفوه بالانتهاك الصارخ لكافة الاتفاقات من جانب بعض القوى الإسلامية، وذلك من خلال ترديد هتافات وتعليق لافتات وتوزيع بيانات تستهدف النقاط الخلافية. وقللت التيارات الإسلامية من تأثير انسحاب التيارات الأخرى من الميدان واصفة إياهم بأنهم قلة، وقال الدكتور صفوت حجازي الداعية الإسلامي إن مظاهرة الجمعة جاءت لتقول إن مصر دولة إسلامية، وأن لهذا الشعب هوية ودين لن يسمح بتجاهله، رافضا في الوقت نفسه أن تكون المظاهرة استعراض للقوة قائلا «إذا أردنا أن نستعرض قوتنا فلنبحث عن مكان يتسع ل 20 مليون شخص». وأشار حجازي إلى أن القوى الإسلامية الموجودة حاليا في الميدان لم تقص أي من القوى السياسية التي كانت موجودة بالميدان، مشيرا إلى أن القوى التي خرجت لا وزن لها. أما الأقباط فقد عبروا عن قلقهم أيضاً منتقدين رفع التيارات الدينية الشعارات الدينية في ميدان التحرير، واصفين ذلك بالخروج عن الخط والهدف الواحد لمليونية هذه الجمعة التي تحمل اسم مصر قبل كل شيء. وأشار القمص بولس عويضة كاهن كنيسة الزهراء أثناء مشاركته في مليونية التحرير إلى أن رفع شعارات دينية من تيارات بعينها هدفها التفرقة بين المصريين الذين شاركوا جميعا في هذه الثورة ويعني أن هذه التيارات لا تعنيها مصلحة الوطن، وتهدف إلى مصالح فئوية خاصة. فيما ذهبت تحليلات أخرى إلى أن مظاهرات الجمعة والتي شهدت بالفعل استعراضاً للقوة من جانب التيار السلفي الذي كان الحاشد الأكبر للمتظاهرين بالميدان أثارت قلق جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تنظر لنفسها على أنها تمثل الأغلبية بين التيارات الدينية وأنها الأكثر تنظيما وقدرة على الحشد بين هذه التيارات، وقال خبراء إن السلفيين أكدوا أنهم يمثلون قوة هائلة في الحياة السياسية المصرية، وهم في حالة صعود مستمر منذ الثورة، مما أثار قلق النشطاء العلمانيين والليبراليين، وفرض تحديات جديدة أمام جماعة الإخوان المسلمين.