لم يتسع ميدان التحرير، وسط القاهرة، أمس لقوى سياسية ترفع فيه مطالب توافقية، بعدما اتسعت الهوة بين هذه القوى لدرجة أن جمعة «لم الشمل» أو «وحدة الصف» انتهت بمزيد من الاستقطاب بين القوى الإسلامية والليبرالية. وفشلت كل المساعي التي بذلت في الأيام الماضية للخروج بالتظاهرات على نحو توافقي. وسيطر الإسلاميون أمس على ميدان التحرير، كما سيطروا في مدن اخرى خصوصا الاسكندرية، وحشدوا مئات الآلاف من المتظاهرين في مختلف ميادين مصر للتعبير عن رفضهم «المبادئ فوق الدستورية»، مرددين شعارات اسلامية، ما دفع الليبرالين إلى الانسحاب من التظاهرات والاكتفاء بالاعتصام في الميدان بعد مغادرة الإسلاميين له. وكان أمس «يوم الإسلاميين بامتياز»، إذ أحكموا سيطرتهم على الميدان، وفرضوا إرادتهم على المعتصمين فيه منذ أكثر من 3 أسابيع. ومنذ الصباح امتلأ الميدان بمئات الآلاف من المتظاهرين، غالبية كاسحة منهم من أصحاب اللحى الذين رفعوا شعارات تطالب بتطبيق الشريعة والدولة الإسلامية. وتبدل حال الميدان أمس فاستبدلت الشعارات والهتافات التي كانت تحمل انتقادات للمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي الرئيس حسني مبارك في 11 شباط (فبراير) الماضي بهتافات وشعارات تؤكد احترام المجلس واختياراته وبدلاً من المطالبة بإقالة رئيس الوزراء عصام شرف كان استمراره في منصبه مطلباً رئيسياً أمس. ورفعت شعارات «الدولة الإسلامية» في مواجهة دعاة «الدولة المدنية»، ونال العلمانيون قدراً كبيراً من الهجوم من على منصات ميدان التحرير. ورفعت المصاحف واللافتات التي تؤكد رفض المبادئ فوق الدستورية «فلا شيء فوق الدستور إلا كتاب الله». وظلت منصات الميدان على مدار اليوم تردد شعارات: «إسلامية إسلامية... مصر حتفضل إسلامية» و»لا للاشاعات المغرضة نحو التيار الإسلامي... لا للمبادىء الحاكمة فوق الدستورية» و»شرع الله سبب الحياة» و»الشعب يريد تطبيق الشريعة». وكانت قوة الحشد فرصة للمطالبة بالإفراج عن بعض معتقلي التيار الإسلامي، مثل عادل الجزار ومحمد الظواهري وعودة الداعية الإسلامي وجدي غنيم ومطالبة الولاياتالمتحدة بتسليم «أمير الجماعة الإسلامية» الشيخ عمر عبد الرحمن، فضلاً عن الدعاية للمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية حازم أبو إسماعيل المدعوم من التيار السلفي. وسعى إسلاميون إلى التأكيد أن حضورهم اللافت لا يعني إقصاء بقية التيارات. وقال عضو مكتب إرشاد جماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور عبد الرحمن البر «إن الصورة الإسلامية هي الأكثر وضوحاً، لكن هذا الميدان ممثل فيه كل طوائف الشعب». أما المستشار محمود الخضيري فأكد أن «الشعارات الإسلامية الموجودة لا تنال من الوحدة الوطنية إطلاقاً، وأرجو ألا ينزعج الناس من هذا المشهد». وأثارت هتافات الإسلاميين حفيظة بعض الائتلافات الشبابية والقوى الليبرالية التي لم تجد بداً من الانسحاب من الميدان. فقرر نحو 30 حزباً وائتلافاً شبابياً الانسحاب من مليونية «وحدة الصف والإرداة الشعبية» مع الاستمرار في الاعتصام في ميدان التحرير. واستنكرت هذه الحركات في بيان «نقض بعض القوى الإسلامية ما تم الاتفاق عليه من عدم استخدام شعارات دينية في التظاهرات». وقال البيان إنه «في الوقت الذي التزمت فيه كل القوى السياسية المدنية والمجموعات الثورية والائتلافات الشبابية المختلفة بالاتفاق الذي تم عقده مع القوى والتيارات الإسلامية فوجئ المعتصمون في الميدان بانتهاك صارخ لكل الاتفاقات من جانب بعض القوى الإسلامية وذلك من خلال ترديد هتافات وتعليق لافتات وتوزيع بيانات تستهدف النقاط الخلافية». وأضاف البيان: «قررت القوى والمجموعات الموقعة على البيان عدم استكمال المشاركة في فعاليات المليونية مع تأكيدها على استمرار الاعتصام السلمي في الميدان». وانتظرت هذه القوى لحين إخلاء الميدان من الإسلامين لتجد لها موطئ قدم فيه، بعدما بات الميدان لا يسع الطرفين، وهي قررت استمرار الاعتصام في الميدان والذي بدأته قبل أسابيع. من ناحية أخرى، قتل قبطيان في محافظة المنيا (في صعيد مصر) بعدما استهدف مسلحون مجهولون سيارة كانت تقل 4 أقباط، فقتلوا اثنين وأصابوا آخرين. ولم تتضح دوافع الحادث وما إذا كانت طائفية أو جنائية.