في برنامج في قناة المجد (25-5-1432ه) سُئل الشيخ الأطرم عن ربوية الفلوس المعاصرة فأتى باسمي فلم يعدل معي، ولم يصدق مع المشاهد لا من ناحية إخفائه للأدلة ولا من ناحية إنكاره للحقائق. والحلقة على اليوتيوب، وهذا ما قاله وهذا ما أقول إنه يجب أن يقال ولو بعضه إذا أراد الشيخ أن يكون صادقا وأمينا في الإجابة، وللقارئ الحكم هل انتصر الشيخ لنفسه أم لدينه وهل صدق مع المشاهد. أولا: زعم الشيخ ابتداء أنه لا يعرف أحدا على الإطلاق من أهل الفتوى المعتبرين أو من المجمعات الفقهية أو أحد علمائها لم يقل بربوية الفلوس المعاصرة. وهو يعرف أن هذا غير صحيح سواء من معرفته السابقة أو مما أخبرته به وناقشته فيه. فهناك من أهل الفتوى المعتبرين قديما الشيخ بن سعدي والذي نص على أنه لا يضر فيها الزيادة والنقص والقبض مع عدمه، أي الفضل والنسيئة. ومن المعاصرين، من أهل الفتوى المعتبرين ومن علماء المجمعات الفقهية، فهناك الشيخ الدكتور محمد الأشقر الذي قال في بحثه المقدم إلى المجمع ببطلان الفتوى المعاصرة وجواز بيع الريال بريالين إلى أجل. وهناك الشيخ الدكتور حسن أيوب في كتابه فقه المعاملات حيث قال في حكم الفلوس المعاصرة «والذي أدين الله به أنه لا يجري فيها لا ربا الفضل ولا ربا النسيئة». وهناك الأزهر وشيوخ شيوخه. ومن المجمعات الفقهية التي لم ترَ ربوية الفلوس المعاصرة مجمع الفقه للبحوث في مصر. وهناك غيرهم كثير ممن هو متوقف ولم يصرح إلا للخواص. والشيخ الأطرم يعلم بعضهم، وكما سمعت في لقائي معه ومع الشيخ الفاضل العصيمي شيئا عن ابن عثيمين بأنه كان يقول إنه لم يتبين له فيها شيء وسأذكر تفاصيل ذلك في مقالات لاحقة تبين حرص الشيخ الأطرم ومن هو على منهجه بإخفاء الفتاوى والأدلة التي لا ترى ربوية الفلوس. فهل هؤلاء كلهم ليسوا من أهل العلم المعتبرين عند الشيخ الأطرم، فمن إذن هو المعتبر؟ من يتفق معه فقط ممن قال برأيه أو قلد؟ فهذه واحدة، وهي كافية لكي يعلم المشاهد -هذا لو احترم المشاهد عقله- أن الشيخ ليس ممن يؤتمن على الفتوى في هذه المسألة، إما لجهله بها إن كان لا يعرف كل هؤلاء من أهل العلم، وإما لعدم إنصافه. وخاصة وهو كان يشدد في التأكيد على عدم معرفته بأي معتبر من أهل العلم يقول بعدم الربوية. وأما الثانية: فزعم الشيخ أن كل ما طرحته ليس مقنعا. وهذا رأيه وهو حر فيه ولكن إطلاقه يوحي بأن للشيخ حجة في عدم اقتناعه. وأنا أقول، وأقف عند قولي إن الشيخ لا حجة له إلا أنه لا يريد إلا أن يجري الربا في الفلوس. وإلا فهلا ذكر نقاط طرحي الرئيسية ليرى الناس هل هي مقنعة أم لا. فلو أن الشيخ ذكر طرحي لعلم الناس أن الشيخ لا شيء عنده ليحتج به إلا تكرار التمسح بفتوى المجمعات الفقهية التي هي محل الخلاف، مثله مثل غيره، فيفسر الماء بعد الجهد بالماء. والأصل في العالم الرباني أن يسرد الأقوال التي تخالفه ثم ينقضا. وهذا الشيخ ابن عثيمين كان يسرد كل الأدلة التي تقول بعدم نجاسة الدم ثم يقول ومع هذا أقول بنجاسته (وذلك قبل أن يرجع عن هذا القول رحمه الله). فلو كان الشيخ الأطرم ربانيا كابن عثيمين لفعل فعله، ولم يحتجّ بمحدودية البرنامج. فهذا عذر غير مقبول، فإما ألا يتكلم في المسألة مطلقا وإما أن يلخصها ببساطة كما ألخصها هنا ثم يقول بعد ذلك إنه ليس مقتنعا بما يطرح ابن سالم، والذي يتلخص قوله فيما يلي: 1. في المشهور عند المذاهب الأربعة لا يجري الربا في الفلوس المعاصرة وهذا ليس بجديد وقد ناقشه العلماء ومكتوب عندهم. لذا اعتمدوا تخريجًا عن ابن تيمية وأقوال غير مشهورة في المذاهب في أن كل ما استخدمه الناس وسيلة للتبادل فأصبح هو الثمن الذي يقيم به الأشياء فيقاس على الذهب والفضة (علة إطلاق الثمنية). 2. ثم جاءنا بن سالم ليقول: أولا إن شروط العلة المخرجة على رأي ابن تيمية قد زالت، وثانيا أن الذهب والفضة لم يصبحا مقياسا للقيمة فالفضة من قديم والذهب من بعد 1973 مما ينقض صحة الاستنباط الظني للعلة لذا فهذه العلة منقوضة، لأنها تستلزم بأن لا يجري الربا في الذهب والفضة. 3. أن بن سالم سد باب الاحتياط الذي كان هو السبب الحقيقي خلف فتوى ربوية الفلوس وهو خوف العلماء آنذاك بأن يمنع المتحيلة الزكاة إذا كُيفت الفلوس بأنها سلع. لأن بن سالمكيفها على أنها أثمان ثم أثبت أصوليا بأن كونها أثمان لا يلزم جريان الربا فيها، وهذه المدرسة لا يعلم بن سالم أن أحدا قال بها وخرجها تخريجا أصوليا –لا يستطيع أحد نقضه-. لذا فيلزم فيها الزكاة لأنها مال قابل للنماء. ولو ارتقى الشيخ الأطرم لأضاف فقال: وأن قول بن سالم لم أستطع الإجابة عنه وقد حاولت (أي الشيخ الأطرم) أن أنقض كلامه فلم أستطع حتى الآن. فمرة أقول بتعدد العلة ومرة أخلط بين العلة القاصرة والمتعدية إلى الصفة أو المتعدية مطلقا، وبن سالم يعلمني كل مرة ويجب أن أشكر له ذلك (بدلا من أن يحاول التقليل من شأني في ذلك). ونكمل كثيرا مما كان مسكوتا عنه أخرجته تصريحات الشيخ الأطرم في قناة المجد، وذلك في المقالات اللاحقة.