فاصلة: (لا يمكن للرغبات أن تمتد إلى ما لسنا نعرفه) حكمة لاتينية بعد أكثر من ربع قرن في عالم الصحافة المكتوبة فإنه لا بد أني كأي كاتب محترف تولدت لدي مهارة توقع إجازة المقال من عدمه ومعرفة التعامل مع مجيز المقالات سواء كان رئيس تحرير الصحيفة أو نائبه أو أي مسئول يختاره رئيس تحرير الصحيفة. وتعاملت في طريقي في هذا العالم مع أكثر من شخصية وفي العادة بطبعي لا اعترض كثيراً على رأي المجيز، بل أرتاح لوجوده لأنه طالما أنقذني من نشر مقالات كانت تكتب بانفعال مؤقت، ولذلك نادراً ما أغضب من عدم إجازة المقالات لأني أعرف مسبقاً أنها ربما كتبت بانفعال وأن للمجيز وجهة نظر علي أن احترمها. وهذا يعتمد على طريقة الصحيفة أيضاً أو المجيز في شرح وجهة نظره، ولذلك يشعر الكاتب بالتقدير حينما يشرح له من قبل المجيز سبب عدم الإجازة بدلاً من إخباره بأن مقاله لم يجز وعليه أن يكتب بديلاً! هذه الطريقة تكون مؤذية نفسياً للكاتب فهو قد أفرغ وقته لكتابة المقالة وعليه أن يفرغ وقتاً آخر لمقالة بديلة في ذات الوقت الذي هو لا يعرف وجهة نظر المجيز التي من الممكن أن تكون صحيحة فهو غالباً أعرف بكثير من الأمور التي ربما لا يعرفها الكاتب. إجازة المقالات تتوقف على معايير عدة ومن المهم أن يفهم الكاتب وجهة نظر المجيز لأنه بإمكانه أن يغيّر في مقالته بأن تكون مثلاً أقل حدة أو أن يوضح فيها رأيه بشكل أوضح يخلو من لبس فهم القراء فيما بعد. لكن القارئ عادة بعيد عن كل هذا، ولطالما عاتب القراء الكاتب أنه لم يكتب في قضية معينة مع أنه التزم بالكتابة لكن المقال لم يجز وهذا قدر الكاتب أن القراء لا يعلمون شيئاً عن عالم الكتابة والإجازة التي ربما أبعدت كثيراً من الكتّاب عن التزامهم بظهور مقالتهم في موعدها.