منذ بداية تطبيق نظام ساهر قبل حوالي سنة، والانتقادات لهذا النظام لم تتوقف سواء من قبل المواطنين أو الحقوقيين والمختصين في الشأن الوطني، ومع ذلك تصر إدارة المرور على الاستمرار في العناد و(التطنيش) عن سماع كل تلك الأصوات الوطنية!! السؤال الذي يطرح نفسه:- هل كل هؤلاء الناس بمختلف اتجاهاتهم مخطئون والإدارة العامة للمرور هي الوحيدة التي تمتلك الحقيقة؟؟ لماذا لا تعترف إدارة المرور بأنها أخطأت وتعجلت في تطبيق النظام قبل أن تخضعه للدراسة الوافية والشاملة؟ آخر ما قرأته بخصوص نظام ساهر، هو الاستطلاع الميداني الذي أجرته جريدة عكاظ يوم السبت 30-3- 1432ه، مع مجموعة من الأساتذة المعنيين بالمشورة والرأي، حيث اتفقوا جميعا على أهمية نظام ساهر كمشروع وطني يهدف إلى تحسين مستوى السلامة المرورية والحفاظ على الأرواح والممتلكات، ولكنهم في ذات الوقت مجمعون على قصور وخلل وسوء آلية تطبيق النظام، حيث دعا أستاذ الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور خالد الرديعان إلى عدم المبالغة في عقوبات ساهر وتقنينها بحد متوسط غير مرهق، وقال رئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة عبد الغني الأنصاري: إن استمرار تطبيق النظام بالأسلوب القائم في الوقت الحالي قد يؤدي إلى مشاكل اجتماعية ينتج عنها مالا تحمد عقباه، وأوضح عضو مجلس الشورى الدكتور مازن خياط، أن النظام بحاجة إلى تقييم خارجي من خارج منظومة عمل ساهر لقياس مؤشرات الأداء ومعرفة الإيجابيات والسلبيات، وأكد رئيس جمعية حقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني، أن الجمعية رصدت تظلمات وشكاوى من عدد من المتضررين من تطبيق نظام ساهر وأن تلك التظلمات أوضحت وجود فجوة كبيرة في آلية تطبيقه، وشمل الاستطلاع مجموعة من المواطنين، الذين أبدوا امتعاضهم من طريقة رصد ساهر للمخالفات، ووصفوها بالترصد والإيقاع بالمخالفين دون تحذيرهم أو توعيتهم، وأنا أقول حتى لو وجدت بعض اللوحات الإرشادية المحدودة فهي تتأرجح بين سرعات مختلفة، فأحيانا تكون 120 وفجأة تتحول إلى 70 ثم ترتفع إلى 100 ومن ثم تهبط إلى 90 وهكذا من التخبط العشوائي في نظام ساهر، مما يربك السائق ويجعله يقود سياراته وإحدى عينيه على امتداد الطريق، والعين الأخرى تراقب الطبلون كي يتوافق مع تغييرات السرعة المتباينة على اللوحات الإرشادية، أما الطامة الكبرى التي يرتكبها نظام ساهر دون غيره من الأنظمة، فهي مضاعفة المخالفات في حال تأخير تسديدها، فهذه النقطة بالذات لم تستند على أي مصوغ قانوني أومنطقي، ولا يقبلها العقل ولا يقرها الدين، وبحسب جريدة عكاظ، فقد أفتى بذلك مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ (على أن مضاعفة المخالفات المرورية رباً وعلى الأجهزة المعنية البحث عن قنوات أكثر وأيسر لتحصيل المبالغ المتأخرة بدلا من مضاعفة الغرامة) ومن هنا نناشد الإدارة العامة للمرور بإعادة النظر في آلية تطبيق نظام ساهر، ابتداء بنشر التثقيف والتوعية، وإبراز أماكن تواجد الكاميرات، فالهدف ليس التصيد بقدر ماهو ترويض السائقين وترغيبهم في الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية طوعا لا كرها، ومع الوقت سيصبح ذلك سلوكا تلقائيا يتحلى به جميع السائقين، وكذلك التدرج في إيقاع العقوبة، فمثلا تكون المخالفة الأولى إنذاراً إلكترونياً لإشعار السائق بأنه أخطأ وعليه تجنب ذلك مستقبلاً، والمخالفة الثانية تسجل عليه غرامة مالية بحدها الأدنى دون أي مضاعفة لها مهما تأخر سدادها، والمخالفة الثالثة تعميم اسم السائق على النقاط لسحب رخصته وحرمانه من القيادة فترة معينة، والمخالفة الرابعة إيقاف السائق في توقيف المرور لساعات محدودة، حتى يتعاقب هو شخصيا دون أن يطال العقاب مصدر رزق أسرته، بهذا التدرج والتنوع في العقاب تتحقق الأهداف الإيجابية من نظام ساهر، وتبقى أرزاق الناس في مأمن عن الجباية التي قيل فيها، قطع الرقاب ولا قطع الأرزاق. [email protected]