أحالت الأوامر الملكية عيد الأسبوع إلى عيد من أعياد العام وحققت ما اعتدنا قوله بلهجتنا المحببة (العيد عيدين وهذا الثالث) وبالفعل فقد كان يوم الجمعة 13-4 عيداً ثالثاً لو صح أن يكون للعيدين ثالث. أفراد الشعب السعودي.. والأسر السعودية والمقيمون كانوا ينتظرون بلهفة وشوق الساعة الثانية ظهراً وحين جاءت هذه الساعة كنت مع أفراد أسرتي نستمع الأوامر الملكية، كان أطفالي لا يستوعبون دلالة هذه الأرقام والأوامر، ولهم الحق في ذلك، لكنهم بفراستهم قرأوا تأثيرها ولاحظوا انعكاس الفرحة الغامرة على الوجوه، وقتها صرخ أكثر من واحد منهم، هذا الملك وإلا بلاش..! لقد شعرت أنها هذه هي الكلمة البليغة الموجزة المناسبة أحسست أنها الكلمة المليئة بالصدق والبراءة والعمق، وهي الكلمة التي أبحث عنها لأعبر فيها عما أريد، شعرت أنها دخلت القلب لأنها بالفعل قد خرجت من القلب وأنها ضالتنا المنشودة للتعبير عن شعور الولاء والمحبة والتقدير لقيادة هذا الشعب ممثلة في خادم الحرمين الشريفين يوم خرج يهنئ الشعب السعودي على تمسكه بدينه وأصالته في رفض كل انحراف. إنها عطاءات كل عطاء أحسن من الثاني متنوعة، مكثفة، نحتاج إلى وقفات لقراءة تأثيرها في المجتمع والمتغيرات الجميلة التي ستكون سببها فيها، ترسم صورة المستقبل الأخضر الذي يتحقق فيه السكن المريح، والأمن الوارف، والالتزام بديننا الإسلامي القويم. جاءت الأوامر الملكية ليتلقاها المواطنون بفيض من السعادة والبشر، وافترشت مساحة واسعة من احتياجات الشعب السعودي. من القرارات الفورية التي تدوي آثارها النفسية فور سماع الخبر: راتب شهرين لجميع موظفي الدولة، ولجميع طلاب وطالبات التعليم العالي. ومبلغ (2000) ريال شهريا للباحثين عن العمل في القطاعين العام والخاص هو لا يجعل هذا الأمر الملكي للباحثين عن العمل في القطاع الحكومي فقط بل وحتى في القطاع الخاص مما يدل على أن مظلة هذا الأمر الملكي تتسع لتشمل الجميع بلا تفرقة وبلا تركيز على فئة دون فئة. ولأن الإسكان واحد من جوانب الأمن النفسي والاجتماعي للمواطن لذا ألقت الدولة بكل ثقلها لتنشل قطاع الإسكان وتمسك بيده ليتحول - إن شاء الله- إلى نقطة قوة فأمر الملك حفظه الله ببناء (500) ألف وحدة سكنية كل واحدة تضم أسرة سعودية متوسطة أفرادها خمسة أفراد مما يعني حصد مليونين وربع المليون ابتسامة على الأقل وفرحة غامرة لأسر ستظلهن تلك الوحدات عن البرد والشمس والمطر. ولم تبخل الدولة فدفعت مبلغ قدره (250) مليار ريال، وهو رقم كبير بكل المقاييس، وفي نفس سياق معالجة مشكلة السكن ثم رفع قيمة الحد الأعلى للقرض السكني ليصبح (500) ألف ريال وهو مبلغ معقول يعطي دفعة للمواطن لكي يبني منزل المستقبل بكل ثقة واقتدار وارتياح. الجدير بالذكر أن صندوق التنمية العقارية في بداياته كان مبلغ (300) ألف يكفي وزيادة وكان الناس يتحدثون عما أمكن توفيره ثم مضت الأعوام فلم يعد ذلك الرقم يكفي وصار من المعتاد أن يظهر رقم المواطن ثم لا يتقدم لأخذ القرض لأنه لن يكفيه، أما الآن مع هذه الزيادة الكبيرة فهو يحقق الهدف ويؤدي الغاية. ومن أجل صحة المواطن ضخت الأوامر الملكية (16) مليار ريال، ورفعت الحد الأعلى في برنامج تمول المستشفيات الخاصة أربعة أضعاف ليصبح (200) مليون بدلا من (50) مليون يستفيد منها كل من دخل في مجال توفير الصحة وهذا يعبر عن ذكاء فائق لدى صانع القرار. لكي يتم فتح أكبر قدر من الأذرع الطبية التي ترفع الصحة لتضعه تاجاً على رأس كل مواطن. والعسكريون الذين يبذلون جهداً مضاعفاً، ويعملون على مدار الساعة ويحملون أرواحهم على راحتهم فداء وتضحية جاءت الأوامر الملكية لتمسح جبين العسكريين بترقية كل من يستحق الترقية منذ تاريخ استحقاقها وبإحداث (60) ألف وظيفة تخفف الضغط وتزيد من الفاعلية. ولأن الحزم والرقابة مطلبان مهمان صدر أمران مليكان واحد منهما أحسن الآخر أما الأول فاستحداث (500) وظيفة لدعم الجهود الرقابية في وزارة التجارة والصناعة والمسارعة بكل حزم في القضاء على ظاهرة التلاعب بالأسعار والتشهير - وهذا مهم جداً- بكل متلاعب لا يقدر مسؤوليته في هذا الوطن والتشهير به دون تردد (كائنا من كان) والعبارة الأخيرة لها أقوى الدلالة وأثمنها. إلى جانب إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ترتبط بالملك مباشرة وتشمل القطاعات الحكومية كلها ومرة أخرى يستعمل الأمر الملكي عبارة (كائنا من كان) في رسالة لكل من يظن أنه في مأمن من العقوبة، ولذا ينتظر الأستاذ محمد بن عبدالله الشريف دور مهم فاعل عظيم الأثر في سير المشروعات العلمية لتقضي على ظاهرة تعثر المشاريع وعدم المصداقية أو تأخرها أو المبالغات في تكلفاتها، ولكي يعطيه خادم الحرمين الشريفين الثقة ربطه به مباشرة ليستمد قوته من قوة الله ثم من قوة خادم الحرمين الشريفين لينجح في المنصب الخطير بالفعل. وفي سياق رسالة المملكة وهويتها الصحيحة المستمدة من دين الإسلام الذي هو عز هذا البلد وعز هله وهو هويته الحقيقة وهو الميثاق الغليظ في إطار البيعة الشرعية التي تجعل المواطنين يحبون خادم الحرمين ويفدونه بالروح بالنفس والنفيس ويقطعون دابر كل الفتنة يمكن أن تثار. صدرت خمسة أوامر ملكية هي آية بينة ودليل واضح على وعي القيادة بالجانب الإسلامي والاهتمام به، فمن دعم العلماء وحفظ لحقوقهم وتقدير لمرجعيتهم المؤثرة في الأمة إلى إنشاء مجمع فقهي لتنظيم الفتوى وتقليل الضغط على اللجنة الدائمة، ثم تظهر أرقام الدعم في شكل حزم مالية تحقق خدمة هذا الجانب ويتمثل في (200) مليون لاستكمال بناء مقرات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلها (200) مليون أخرى لدعم جمعيات تحفيظ القرآن الكريم في أنحاء المملكة ومثلها أيضا (200) مليون لإنشاء فروع للرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والافتاء في مختلف مناطق المملكة. لقد أعطت القيادة ما عليها، وأعلن خادم الحرمين الشريفين انطلاق سباق (ماراثوني) لكنه ليس للعب والترف وإنما للجد والعمل لتتحرك القطاعات في الدولة في سباق التحدي المثير لتحقيق طموحات خادم الحرمين الشريفين في أن تقر عينه بأن يرى أبناءه شعب المملكة العربية السعودية في أحسن حال وعلى خير. الأبناء كانوا يرددون بعد كل فقرة تلى ديباجة الأوامر الملكية (أمرنا بما هو آت) كانوا يرفعون أصواتهم بابتهاج: إجازة.. إجازة، وينتهي الإعلان من قراءة الأوامر الملكية دون إشارة إلى الإجازة فنضحك من أعماقنا على بساطتهم. لكن حسن ظنهم بالمليك لم يذهب سدى إذا في صباح اليوم التالي كان موظفو الدولة كلهم وليسوا الطلاب والطالبات فقط ينعمون بإجازة استثنائية مفرحة. سيدي خادم الحرمين الشريفين كما أظللت شعبك بهذه المظلة الوارفة من الأوامر الملكية الكريمة فنسأل الله أن يظلك تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله. وأبقاك لنا ذخراً و(هذا الملك وإلا بلاش..!).