ما يجري هذه الأيام في بعض البلدان الإسلامية من الدعوة إلى الحراك الجماهيري الذي يكتنفه الكثير من الغموض شيء غريب ومريب يحتاج إلى تأمل وتدبر وأناة. وأول ذلك النصيحة التي أوجبها الله علينا في من لهم في أعناقنا بيعة وهم ولاة الأمر في هذه البلاد، وفقهم الله للخير، بأن تشرع بتفعيل المبادرات التي أعلنها خادم الحرمين، وفّقه الله، وأن تمتد إلى ما يتطلع إليه المواطنون من استكمال ما يؤملونه مثل توفير الوظائف للجميع وفرص العمل للجميع، وتوفير حاجات بعض من لم تشملهم المكرمات الملكية، والنظر في حال كثير من السجناء والموقوفين والإسراع في ذلك، والبت في حل المشكلات العالقة التي تمس حقوق المواطنين، ودرء المفاسد التي تستهدف الإحلال في ثوابت البلاد العقدية والأخلاقية لاسيما الإعلام. ولولاة الأمر علينا حقوق تجب رعايتها من الدعاء لهم بالهداية والصلاح، والسمع والطاعة بالمعروف، وجمع الكلمة حولهم، واستمرار النصح. وكذلك نأمل من ولاة الأمر أعانهم الله في سبيل الخير تفعيل الأنظمة والأوامر الملكية التي تعالج بعض مظاهر الخلل والتقصير الإداري والمالي في سائر الأجهزة والمؤسسات، ودعم الجهات الخدمية والقضاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعامل مع تطلعات المواطنين وتساؤلاتهم بأسلوب أكثر صراحة وشفافية، وتبديد ما لدى بعضهم من أوهام ومفاهيم مغلوطة، لقطع الرجعة على المرجفين ودعاة الفتنة كفانا الله شرهم. ثم النصيحة لعلمائنا وهم من ولاة الأمر كذلك، فهم مرجعنا، وخيارنا، وقدوتنا، وهم ورثة نبينا صلى الله عليه وسلم، فيجب أن نلتف حولهم، ونرعى لهم حقهم، ونجمع الكلمة معهم، ونناصحهم بأدب واحترام، ونربي شبابنا على احترامهم وتوقيرهم. ثم النصيحة لعامتنا بأن نحرص على السنة والجماعة، ونحافظ على ثوابتنا ومكاسب بلادنا ومصالحها في العقيدة والأخلاق، ولا نسمح لأحد بأن يفرق كلمتنا ويثير الفتن والغوغائية (كالمظاهرات والمسيرات). إننا نخشى أن ينخدع بعض شبابنا بما يحوكه دعاة الفتنة الذين يستغلون إثارة بعض المشكلات، بالاستجابة لاستخدام بعض الأساليب غير المشروعة التي تؤدي إلى الغوغائية والإخلال بأمن البلاد ومصالحه الكبرى (من المظاهرات والمسيرات ونحوها)، فنناشد هؤلاء الشباب بأن يسلكوا ما أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم في تحقيق آمالهم بالرفق والحكمة، قال صلى الله عليه وسلم (وإن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي بالعنف) وقال (الدين النصيحة). استخدام المظاهرات (في بلادنا) لا تجوز شرعاً، لا سيما بعد أن أعلنت الجهات الأمنية بأنها لا تسمح بذلك، وقد صدر بيان المرجعية، وهم علماؤنا في هيئة كبار العلماء بعدم جواز ذلك، ويؤكد ذلك ما تتميز به بلادنا من خصائص وثوابت وما يحيط بنا من مخاطر في الداخل والخارج تستوجب علينا جميعاً السعي الجاد لحل مشكلاتنا بالرفق والحكمة والصبر كما أمر ربنا عزَّ وجلَّ وأوصى رسولنا صلى الله عليه وسلم، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله (وإن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي بالعنف) ولا يجوز أن نقيس أنفسنا على الشعوب الإسلامية أو الغربية التي تحكمها دساتير وضعية ولا تمكن من التحاكم لشرع الله. ولا حول ولا قوة إلا بالله والله حسبنا ونعم الوكيل. * عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.