كان عوداً أَحمَدَ لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد أن منَّ الله عليه بالشفاء، وأنعم عليه بالصحة والعافية، وكان الاحتفال بعودته لوحة أبرزت ملامح الفرحة بقدوم ولي الأمر بعد رحلة علاج استمرت شهوراً. فالحمد لله الذي منَّ وأكرم وأنعم، والشكر له على ما يجود به على عباده الصابرين الشاكرين من أجري الدنيا والآخرة. نقول: لا بأس عليك طهور إن شاء الله، والحمد لله على سلامتك أيها الملك الذي تحمل على عاتقك أمانة عظيمة، أسأل الله أن يعينك عليها، ويجعلها عوناً لك على طاعته، وسبباً لك في نيل رضوانه والفوز بجنته. إن المرض نعمة إذا قابلها المسلم بالصبر والاحتساب، واللجوء إلى الله، وعدم الجزع، وإن الصحة نعمة إذا قابلها المسلم بالشكر والخضوع للمنعم سبحانه وتعالى، واستخدمها في طاعة الله، وفعل الخير، والإحسان إلى الناس. وهل حياة البشر إلا تأرجح بين ابتلاء وإنعام، وصحة ومرض، وفقر وغنى، وضعف وقوة؟ وهل الحياة الدنيا كلها، بكل ما فيها من خير أو شر، ومن نجاح أو إخفاق، ومن صعود أو هبوط، إلا دار ابتلاء وامتحان، يفتح الله فيها لخلقه ما يشاء من الأبواب ليرى من أي باب يدخلون وإلى أي هدفٍ يتجهون. وإذا كانت صحة الأبدان تحتاج إلى أنواع من الأدوية، فإن أمن الأوطان يحتاج إلى العدل والإنصاف ونبذ الفرقة والخلاف. ونحن - هنا في بلاد الحرمين - نستشعر عظمة المكان والتاريخ وضخامة المسؤولية، ونشعر بما أنعم الله علينا به من نعمة الإسلام وخدمته، والدعوة إليه، وبما تكرَّم به علينا من خدمة المسجد الحرام والمشاعر المقدسة، والمسجد النبوي الشريف، ونقدِّر النعمة العظيمة التي جمع الله لنا فيها بين «صحة الأبدان» و»نعمة الأمن في الأوطان» ونحمد الله على أن هيَّأ لنا هذا التلاحم والتآلف بين ولاة الأمر والشعب في ظل راية التوحيد التي ألف الله بها بين قبائل جزيرة العرب، وجمع قلوبهم عليها، فخرجوا بها من دوائر الخلاف والشقاق، والفقر والجهل، إلى دائرة «التوحيد» والتئام الشمل. ونشعر بأن مسؤوليتنا جميعاً في المحافظة على هذه النعمة مسؤولية كبيرة مشتركة. إن مظاهر الفرحة باللقاء دليل على حبال وثيقة موصولة يجب علينا أن نزيدها توثيقاً. فنحن نعيش في نعمة الأمن كأحسن ما تعيش دولة في هذا العصر، ونتميز بتلاحم مشهود بين الحاكم والمحكوم، وهذا يجعل المسؤولية أعظم في وجوب الحرص على بقاء هذه النعمة، والتعاون المثمر لاستمرارها وثباتها، وأن نكون على بصيرة ورشد في علاقتنا بالله عز وجل، وتمنحنا رؤية ثاقبة سليمة في ربط كل تقدم مادي أو تطور مدني بشريعة الله التي حملنا أمانتها، وتميزنا برفع شعارها، ورايتها. إنها جوهرة الأمن الغالية التي تستحق منا كل رعاية وعناية، وكل تعاون وتكاتف بين ولاة الأمر وأفراد الشعب، بين مؤسسات الدولة، ومؤسسات القطاع الخاص. ونحن بذلك - إن شاء الله - جديرون. نقولها مهنئين: حمداً لله على سلامة خادم الحرمين، ونسأل الله أن يمنَّ عليه بصحته، وحمداً لله على نعمة الأمن، ونسأل الله أن يحميها من شرور شياطين الإنس والجن.