الحمد لله نجاتنا في طاعته، احمده واسأله التوفيق والسداد، واشهد ان لا إله الا الله اعد للطائعين من عباده في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وأشهد ان محمداً عبده ورسوله المثل الاعلى في عبادته وخشيته من الله، طمعا في رضاه وخوفا من عذابه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه العابدين التائبين الطائعين رضوان الله عليهم اجمعين. أما بعد: أيها المسلمون: اتقوا الله ربكم، واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً وداوموا على طاعة ربكم، ولا يظن ظان ان عبادة الله في رمضان تغنيه عن العبادة باقي العام، خسران من يظن هذا، خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين، عن ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال فذاك صيام الدهر وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يصومن احدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله او يوما بعده وعن ابي عبيدة قال شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم صيامهما، يوم فطركم من صيامكم واليوم الذي تأكلون فيه من نسككم, ان الله لا يرضى من العبادات إلا ما شرعه على لسان نبيه، فما اوجبه شرعه او كان مستحسنا فمقبول ومثاب عليه صاحبه، وما كان محرما او مكروهاً فإنه مردود على صاحبه وفعل المحرم والاستدامة على المكروهات توجد الذلة وخسران الاعمال، فمن الواجبات في اصل الشرع صيام نهار رمضان، فلقد طالما صفا للمسلمين في اوقاته من لذة المناجاة لربهم وكثير من الطاعات وحسن الاقبال فليحذر المسلم ان يبطل ما سلف من الاعمال الصالحة في رمضان وان يكدر ما صفا له من الاوقات في شهر رمضان وما صفا له من لذة المناجاة لربه، فكما أن الحسنات يذهبن السيئات، فان السيئات يبطلن صالح الاعمال الا وان علامة قبول الحسنة عمل الحسنة بعدها وعلامة ردها ان تتبع بسيئة وقد قيل ذنب بعد توبة اقبح من سبعين قبلها، فليتق الله الذي فعل الطاعات في رمضان من اداء صلاة وحضور جمعة وجماعات ان يترك هذا بعد رمضان، وليحذر من ترك المعاصي في رمضان ان يعود اليها بعد رمضان قيل لبعض السلف: ان قوما يتعبدون في رمضان ويجتهدون فاذا انسلخ رمضان تركوا، قال فبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان، فالجدير بالمؤمن ان يداوم على طاعة الله، فاذا ما قابل ربه بعد موته الذي قد يأتيه بغتة يقابله ويلقاه على طهر وايمان, واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فالحديث الاول ايها المسلمون دليل على ان معاودة الصيام تدل على فعل الخير وقوة الايمان وعمل المستحبات تتم ما نقص من الفرائض وفيه دليل فضل صيام ست من شوال سواء متتابعات وهو الافضل ابتداء من ثاني شوال، او متفرقات وقول الرسول صلى الله عليه وسلم فكأنما صام الدهر كله يعني السنة بأن الحسنة بعشر امثالها، فرمضان مع ستة ايام من شوال تعدل ثلاثمائة وستين يوما ومما يستحب صيامه ثلاثة ايام من كل شهر والافضل ان يجعلها ايام ليالي البيض لما روى ابوذر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذا صمت في هذا الشهر ثلاثة ايام فصم ثلاثة عشر واربعة عشر وخمسة عشر ، وسميت بيضاً لبياض لياليها بالقمر, وصوم الاثنين والخميس لقوله صلى الله عليه وسلم:هما يومان تعرض فيهما الاعمال على رب العالمين وأحب ان يعرض عملي وانا صائم , ومما يستحب: صوم شهر الله المحرم وآكده التاسع والعاشر منه لقوله عليه الصلاة والسلام: لأن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر واحتج به احمد وقال ان اشكل اول الشهر صام ثلاثة ايام ليتيقن صومه، ويستحب صوم تسعة من ذي الحجة لقوله عليه الصلاة والسلام: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب الى الله من هذه الايام العشر، قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله الا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء وآكده يوم عرفة لغير حاج بها وهو كفارة سنتين لحديث صيام يوم عرفة احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبلها، والسنة التي بعدها وقال في صيام يوم عاشوراء احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله ويلي يوم عرفة في الآكدية يوم التروية وهو الثامن وافضله اي افضل صيام التطوع المطلق هو صيام يوم وافطار يوم لامره عليه الصلاة والسلام عبدالله بن عمر رضي الله عنهما وقال هو افضل الصيام وشرطه ألا يضعف البدن حتى يعجز عما هو افضل من الصيام والقيام بحقوق الله تعالى، وحقوق عباده، وإلا فتركه افضل، وكما ان هناك صياماً واجباً ومستحباً فهناك صياماً مكروهاً كصيام رجب كاملاً لمشابهة الجاهلية بتعظيمه ولانه يشابه رمضان ومما يكره افراد يوم الجمعة وافراد يوم السبت اما ان جمع او صام الخميس والجمعة والسبت والاحد زالت الكراهية، اما افراد السبت فلأنه يشبه اليهود في تعظيمه بمفرده، واما الجمعة فلانها عيد الاسبوع كما ان عيد الفطر وعيد الاضحى عيد السنة، والعيد فيه الفرح واظهار السرور واعلان شكر الله على نعمه وطلب المزيد منه. والاولى في هذا اليوم ان يكون الانسان متفرغا ليقوى على أداء صلاة الجمعة وتبادل الصلات والزيارات وتناول الطيبات والمباحات في يوم عيد الاسبوع لمشابهته بعيد السنة، واما ما يحرم من الصيام فهو يوم العيدين لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يصح صيام العيدين لا عن قضاء ولا عن نذر ولا عن تطوع ومن صام يوم العيد عن القضاء لم يجزئه وذلك أن العيدين عيد الفطر وعيد الاضحى هما العيدان الاسلاميان اللذان جعلهما الشارع الحكيم يوم فرح وسرور وبهجة، يأتي فيهما المسلمون انواع المتع الحلال والمباحة من الاكل والشرب واللباس والزينة وغيرها، وقد حرم صومهما لان الفطر تحليل الصيام كالسلام للصلاة، ولان الأضحى يوم الاكل من الضحايا والهدايا التي امر الله بالاكل منها، فالخلق في هذين اليومين ضيوف الله، ليقبلوا ضيافته وليفطروا فيهما، ولان عيدالفطر هو اليوم الذي انتهى بدخوله شهر رمضان فيجب هنا التمييز لنعرف الصوم الواجب من غيره، كما نهى الشارع عن صيام يوم الاضحية تميزا له من غيره, واما الاضحى فلانه يوم النسك الذي امرنا الله بالاكل فيه, فلنبادر الى امتثال امره من تناول الطيبات فليس من الادب والاعراض عن ضيافة رب كريم، كذلك مما حرم صومه ايام التشريق وهي الايام التي تقع بعد عيد الاضحى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ايام التشريق ايام اكل وشرب وذكر الله عز وجل , فاتقوا الله ايها المسلمون، والتزموا بما امركم به ربكم ونبيكم تفوزوا وتسعدوا من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا . اعوذ بالله من الشيطان الرجيم وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين . بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.