سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التاريخ يسجل المواقف المشرفة للمملكة بجانب الشعب الفلسطيني ودعمها لقضيته اليوم تمر الذكرى الثالثة والخمسين على نكبة اغتصاب فلسطين وقيام إسرائيل
الملك عبدالعزيز: إن أبنائي سيعكفون من بعدي على اكمال رسالتي إن شاء الله
يصادف اليوم الثلاثاء الخامس عشر من شهر مايو ذكرى مرور ثلاثة وخمسين عاما على نكبة فلسطين بإعلان قيام « دولة إسرائيل». و كان لصدور وعد « بلفور » في عام 1917م وفرض الانتداب البريطاني على فلسطين أثره الكبير في زيادة موجة الهجرة اليهودية المنظمة الى فلسطين والتي بدأت في عام 1882م تقريبا 00 فقد نص ذلك الوعد على اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين كما أن حكومة الانتداب قد تعهدت بتسهيل الاستيطان اليهودي. وبعد الحرب العالمية الثانية استغلت الصهيونية العالمية قواها الضاغطة في الولاياتالمتحدة للحصول على تأييد مخططي السياسة وأصحاب النفوذ ونجحت في عقد مؤتمر « بليتمور » عام 1942م والذى أفصح عن حقيقة الاطماع الصهيونية التي هدفت الى فتح باب الهجرة الى فلسطين دون قيد وتأكيد حق الصهيونية في تأسيس « دولة » لتصبح فيما بعد عضوا في الأممالمتحدة وتحتل أكثر من 90 بالمئة من مساحة فلسطين. وتبع ذلك النداء الذي وجهه الرئيس الأمريكي ترومان الى رئيس الحكومة البريطانية آنذاك «اتلى» يطلب فيه السماح الفورى لمائة ألف يهودي من ضحايا النازية « كما أسماهم » بالدخول الى فلسطين. وهكذا توالت الهجرات الصهيونية الاستيطانية الى فلسطين حتى عام 1947م عندما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بدون وجه حق تقسيم فلسطين الى دولة فلسطينية وأخرى يهودية معترفة للغازي والمغتصب الإسرائيلى بجزء من الأراضي التي احتلها من أهلها الشرعيين . وثار العرب والفلسطينيون ضد هذا القرار الجائر وكان لتدخلات وتواطؤ بعض القوى العالمية آنذاك الدور الأكبر في فشل هذه الجهود على المستويين العسكري والدبلوماسي مما مكن الصهاينة من ارتكاب مجازر عدة ضد أبناء فلسطين وقاموا بطردهم والاستيلاء على مدنهم وقراهم واغتصاب أملاكهم وأراضيهم ثم جاءت النكبة الكبرى بإعلان الصهاينة دولتهم في عام 1948م. وتحل هذه الذكرى بعد مرور ثلاثة وخمسين عاما تحمل في طياتها ذكريات أليمة لكل العرب والمسلمين فإسرائيل ماضية في أعمالها التوسعية على حساب الأراضي الفلسطينية والعربية في فلسطين وسوريا ولبنان ومازالت ترتكب المجزرة تلو الأخرى والاعتداء تلو الاعتداء ماضية في مماطلتها وتسويفها في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وفى تنفيذ اتفاقات مدريد وغيرها مما يخص عملية السلام في الشرق الأوسط . وقد وقفت المملكة العربية السعودية الى جانب القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها تدعمها وتناصرها وتقدم كافة أنواع العون والمساعدة للشعب الفلسطيني لدعم صموده واتخذت مواقف ثابتة دفاعا عن حقوقه المشروعة وتحقيق تطلعاته وآماله. وأعطت المملكة العربية السعودية القضية الفلسطينية الأولوية في العمل السياسي في المحافل العربية والإسلامية والدولية وسخرت امكاناتها وعلاقاتها في خدمة القضية ومناصرتها سياسيا وماديا ومعنويا. ويمتد اهتمام المملكة العربية السعودية بالقضية الفلسطينية الى عهد الملك عبدالعزيز الذي رعى قضية فلسطين وشعبها انطلاقا من المسؤوليات العربية والاسلامية والدولية التي اضطلعت بها المملكة وأولاها جل رعايته واهتمامه فطرحها في المحافل الدولية وعلى الدول المؤثرة في أحداث المنطقة في ذلك الحين دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني وعدم التفريط فيها. وانطلقت تلك المواقف الثابتة للملك عبدالعزيز من مبادىء إسلامية ومسؤولية تاريخية وعمل وطنى يؤمن به رحمه الله وتفرضه المسؤولية العربية والإسلامية . وتدل مراحل تبادل المراسلات والاتصالات بين الملك عبدالعزيز ورؤساء ومبعوثي الدول المؤثرة في ذلك الحين تدل في مجملها على القوة الشخصية للملك عبدالعزيز وسلامة ورجاحة منطقه وحججه القانونية ودفاعه الصلب عن القضية الفلسطينية وبعد النظر في معارضته للمواقف الداعمة لفكرة الصهيونية في فلسطين لما سوف ينتج عنها من آثار سلبية على المنطقة. وقد تواكبت جهود الملك عبدالعزيز لدعم الحقوق الفلسطينية على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية مما أزعج الجهات الداعمة للصهيونية وتلقت حكومة المملكة مذكرات رسمية في ابريل 1948م حول تلك التحركات أجاب عليها الملك عبدالعزيز بكل حزم وقوة. ويقول الملك عبدالعزيز في كلمة ذات دلالة واضحة لجهة التزامه بالقضية الفلسطينية حتى مع تغير الظروف لأحد أعضاء لجنة الأممالمتحدة بشأن القضية الفلسطينية « ان أبنائي سيعكفون من بعدي على اكمال رسالتى إن شاء الله». وصدقت مقولة الملك عبدالعزيز وتسلمت الأمانة أياد مخلصة أمينة بدءا بالملك سعود ثم الملك فيصل فالملك خالد رحمهم الله وأثابهم على جهودهم الخيرة في خدمة ونصرة القضية الأولى للعرب والمسلمين حيث واصلت المملكة في تلك المرحلة العمل بكل حزم وقوة الى جانب القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني واتخذت مواقف ثابتة إزاء ما تعرض له شعب فلسطين من ملمات ومآس. وكان للمملكة العربية السعودية موقف مميز ودور طليعي عندما أقدمت السلطات الإسرائيلية على تنفيذ جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك عام 1969م ووقفت المملكة في مقدمة الدول الإسلامية مستنكرة تلك الجريمة وداعية الى عمل إسلامى موحد إزاءها . واستقرت الأمانة لدى رجل المواقف البارزة والثابتة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الذي احتضن أمانة الوالد الموحد وعمل بوصيته فوقف الى جانب الشعب الفلسطيني في كافة الحلول المنصفة لقضيته التي دامت سنوات طويلة يستثمر ما تحظى به المملكة من تقدير واحترام في كافة الأوساط والمحافل نتيجة لنبل مقاصد المملكة العربية السعودية وثبات مواقفها التي لا تتغير ولا تتبدل رغم تغير وتبدل الظروف والأحداث وما يطرأ من تطورات عربية واقليمية ودولية وأضحت القضية الفلسطينة الشغل الشاغل للعالم أجمع وفى مقدمة اهتمامات وأوليات المجتمع الدولي وهو أمر تعيشه القضية في المرحلة الراهنة . ووقفت المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين بكل صدق ومسؤولية جنبا الى جنب مع أشقائها الفلسطينيين ترعاهم وتدافع عن قضيتهم وحقوقهم السليبة . وقفت الى جانبهم تقدم لهم الدعم والرعاية وتفي بالتزاماتها نحوهم وتساندهم في مختلف المحافل عربيا وإسلاميا ودوليا . وعلى صعيدالعمل الدبلوماسي قامت المملكة العربية السعودية بتوجيه وإشراف خادم الحرمين الشريفين بدور مميز وجهود متواصلة من أجل القضية الفلسطينية ونيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني حيث قدم خادم الحرمين الشريفين من منطلق مسؤولياته العربية والإسلامية تصورا للتسوية الشاملة العادلة لمشكلة الشرق الأوسط وهو تصور من ثمانية مبادىء عرف باسم « مشروع الملك فهد للسلام ». وقد أطلق على تلك المبادىء فيما بعد « مشروع السلام العربى » بعد أن تبناها وأقرها مؤتمر القمة العربي الثاني عشر الذي عقد في مدينة فاس المغربية في سبتمبر 1982م. ووضع هذا المشروع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته لإرساء قواعد السلام الحقيقي الذي يحفظ للمنطقة دورها وكيانها ويحافظ على المصالح المشتركة بينها وبين العالم كله. واستحق خادم الحرمين الشريفين تقدير العالم أجمع كزعيم عربي مسلم حريص على مصالح أمته العربية والإسلامية يرى بثاقب بصره وبعد نظره وحكمته المعهودة ما يتفق ومصالح أمته فيعمل على الأخذ به والعمل بمقتضاه. وتبنت المملكة العربية السعودية قضية القدس ووقفت بكل صلابة في مواجهة المؤامرات الصهيونية ضد تلك المدينة ومقدساتها ومحاولات طمس تاريخها الإسلامي واغتصاب أراضيها وتهجير أهلها وصولا الى إحداث تغيير ديموغرافى يرجح الكفة اليهودية . وانطلق الموقف السعودي بشأن القدس من اقتناع راسخ بأن القدس هي صلب القضية الفلسطينية التي هي محور الصراع العربي الإسرائيلي. وحظي وضع مدينة القدس باهتمام بالغ من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الذي عبر عن ذلك بقوله في احدى المناسبات الإسلامية « ان قضية فلسطين ووضع الأراضى المحتلة وفي مقدمتها القدس مازالا يحتلان جل اهتمامنا ويستغرقان الكثير من جهودنا ومساعينا». وجسد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ذلك التوجه عمليا حينما أصدر توجيهاته الكريمة في أبريل 1992م بأن تتحمل المملكة نفقات اصلاح وترميم المساجد بمدينة القدس. وكانت المملكة العربية السعودية في طليعة الدول التي اعترفت بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة فور إعلانها فقد رحبت المملكة بقرار قيام الدولة الفلسطينية وباركته وأعلنت اعترافها التام بها في نوفمبر 1988م وأقامت سفارة فلسطينية في المملكة وقدمت مبنى السفارة الفلسطينية في العاصمة الرياض هدية للشعب الفلسطيني. وحينما تهيأت ظروف عربية واقليمية ودولية لمفاوضات سلام تهدف الى انهاء الصراع العربي الإسرائيلي وايجاد حل دائم وعادل وشامل للقضية الفلسطينية اضطلعت المملكة بدور مهم للمضي قدما في هذا السبيل الذي يحقق حلولا عملية لقضايا شائكة دامت سنوات طويلة وفقا للشرعية الدولية وانطلاقا من قرارى مجلس الأمن الدولي 242 و 338 ومبدأ الأرض مقابل السلام. وقد جسد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز تطلعاته في هذا الشأن حينما قال في أحد تصريحاته الصحفية «ان ما نريده ونتطلع اليه هو أن تتوفر النوايا المخلصة لإنجاح هذه المفاوضات بعد أن أثبت قادة الأمة العربية أنهم دعاة سلام ومحبة وأنهم راغبون في اقرار حالة السلم مع إسرائيل دون تفريط في حقوقهم المشروعة والعادلة ». وتحل ذكرى هذا العام في ظل تداعيات خطيرة وظروف بالغة الأهمية بعد أن حولت إسرائيل عملية السلام الى عملية حرب ضد الشعب الفلسطيني مستخدمة القوة العسكرية لحصاره وعزله وجعله رهينة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة بعد ان ثار أبناء الشعب الفلسطيني وأطفال الحجارة في وجه الجبروت الإسرائيلى معبرين بوضوح عن مرارة الإحباط بعد سنوات طويلة من الترقب وانتظار ما تؤدى إليه التسوية السياسية التي لم تحقق نتائج تذكربسبب تعنت إسرائيل ومماطلتها وتراجعها عن تنفيذ التزاماتها . ولم تدخر المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز جهدا في سبيل تعزيز الحقوق الفلسطينية بشتى الوسائل وعبر مختلف السبل . وفي هذا الصدد بلغ إجمالي المساعدات التي قدمتها حكومة المملكة العربية السعودية حتى الآن لحكومة وشعب فلسطين نحو تسعة مليارات ريال. وفي مؤتمر القمة العربي الاستثنائي المنعقد في القاهرة في شهر اكتوبر الماضي تبنى المؤتمر اقتراح المملكة العربية السعودية الذي أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بإنشاء صندوقين برأسمال قدره مليار دولار من اجل المحافظة على الهوية العربية والإسلامية للقدس ولدعم انتفاضة الأقصى المباركة حيث ساهمت المملكة العربية السعودية بمبلغ « 250 » مليون دولار في هذين الصندوقين . كما تكفلت المملكة العربية السعودية بدعم ألف أسرة فلسطينة من أسر شهداء جرحى انتفاضة الأقصى. واضطلعت اللجنة السعودية لدعم انتفاضة القدس برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية بدور كبير في مساعدة أسر شهداء وأسرى وجرحى ومعاقي انتفاضة القدس والأسر الفلسطينية المحتاجة وقامت بإيصال المساعدات الى مستحقيها مباشرة في الأراضي المحتلة دعما لصمودهم في وجه العدوان الإسرائيلي. وقد شملت هذه المساعدات آلاف الأسرى والجرحى والمعاقين بالإضافة الى علاج العديد من الجرحى في مستشفيات المملكة. وفي التاسع من شهر اكتوبر الماضي أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أيده الله أمره الكريم الى أمراء المناطق بالمملكة لفتح باب التبرعات لصندوق القدس لأبطال الانتفاضة في فلسطين ) انتفاضة القدس(. كما ارسلت المملكة العربية السعودية بأمر خادم الحرمين الشريفين الى الضفة الغربية وقطاع غزة متخصصين للمساهمة في علاج المصابين وتقديم المساعدات الطبية لهم واستقبلت مستشفيات المملكة أيضا المصابين الفلسطينيين من جراء الاعتداءات الإسرائيلية حيث نقلتهم للعلاج في المملكة طائرات الإخلاء الطبي السعودي. كما أكدت المملكة العربية السعودية هذا التوجه من نصرة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في المؤتمر الإسلامي الذي عقد في الدوحة في شهر نوفمبر الماضي والمؤتمر العربي الذي عقد في عمان بالأردن في شهر مارس الماضي من خلال تأكيد المؤتمر تمسكه بالسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط القائم على تنفيذ إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة خاصة قرارى مجلس الأمن 242 و 338 . ولم يقتصر هذا الدعم على مساندة أبناء الشعب الفلسطيني ماديا بل وقفت المملكة معه في كل خطواته التي تكفل له استعادة حقوقه وبادرت المملكة بمتابعة هذه الحقوق مطالبة وشرحا لعدالتها في كل لقاء ثنائي يتم مع قيادتها وقادة وزعماء دول العالم منطلقة من القاعدة التي أرساها مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز رحمه الله في خدمة دينه وأمته الإسلامية. وأقرب شاهد على ذلك جولات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز السابقة في عدد من الدول الكبرى وجولته مؤخرا لبعض الدول المؤثرة في الشرق الأوسط بما فيها راعى السلام الولاياتالمتحدةالأمريكية وكلمة سموه في قمة الألفية بمقر الأممالمتحدة وما قام به سموه بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين من جهود تجاه القضية الفلسطينية وتأكيد لعدالتها وعدالة حقوق الشعب الفلسطيني .