يصادف اليوم الاربعاء مرور 33 عاما على احراق المسجد الاقصى على أيدي العصابات الصهيونية.ففي مثل هذا اليوم من عام 1969م امتدت يد الاثم والعدوان لاحراق المسجد الاقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى خاتم الانبياء والمرسلين في محاولة من الصهاينة للقضاء على المقدسات الاسلامية في فلسطينالمحتلة. وقد اقدمت العصابات الصهيونية على تلك الفعلة الشنعاء بإيعاز من سلطات الاحتلال الاسرائيلي متعدية بذلك كل الاعراف والقوانين والقرارات الدولية التي اعطت للمدينة المقدسة وضعا وحقوقا خاصة وحفظت لها كافة معالمها الاثرية والحضارية الاسلامية. واثر العملية الاجرامية التي استمرت عدة ساعات وادت الى احراق الجناح الشرقي من المسجد المعروف بجامع عمر وسقف المسجد الجنوبي ومحراب صلاح الدين ومنبر السلطان نور الدين سارعت الدول والشعوب الاسلامية الى استنكار وشجب تلك الجريمة التي اثارت مشاعر كافة المسلمين. واتخذت مؤتمرات القمة العربية والاسلامية ودول عدم الانحياز واجتماعات هيئة الاممالمتحدة التي عقدت عقب الجريمة قرارات نددت فيها بالجريمة الصهيونية النكراء وبالممارسات التعسفية الصهيونية في القدس وكافة الاراضي الفلسطينيةالمحتلة. وطالبت بسحب قوات الاحتلال من الاراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس الشريف. وجاءت جريمة احراق المسجد الاقصى في اطار سلسلة من الاعتداءات الاسرائيلية على المسجد في اوقات مختلفة وهي اعتداءات مستمرة حتى الان. فقد اعتمدت سلطات الاحتلال سياسة تعسفية تجاه المسجد الاقصى والمدينة المقدسة اذ قامت في مطلع عام 1969م بازالة حي المغاربة المجاور للمسجد بكامله وهدمت العديد من المساجد والمدارس الاسلامية التي تأسست في عهد الدولة الاموية. ومنذ الاحتلال الاسرائيلي الكامل لمدينة القدس عام 1967م قامت سلطات الاحتلال بهدم جميع الابنية الاسلامية والاثرية الواقعة حول المسجد الاقصى بهدف تغيير وازالة المعالم الاسلامية التي تتصف بها المدينة. وتضمنت الاجراءات الاسرائيلية شق الطرق داخل مقابر المسلمين الواقعة بالقرب من الحرم القدسي الشريف حيث جرفت عددا منها بينها مقبرة الرحمة واليوسفية الى جانب الاستيلاء على مواقع اخرى في القدس وتحويلها الى ثكنات عسكرية صهيونية. ومن اشد الاجراءات الاسرائيلية خطورة محاولات تهويد مدينة القدس باستخدام اساليب بعيدة عن الشرعية تضمنت مصادرة الاراضي والممتلكات الفلسطينية وممارسة اساليب القهر والارهاب ضد سكانها العرب والمسلمين من اجل تهويد المدينة بالكامل ومحاولات تهجير اليهود من دول العالم وتوطينهم في القدس بل واعتبارها عاصمة لاسرائيل. واستمرارا للسياسة الاسرائيلية في تنفير المسلمين والتضييق عليهم وتخويفهم قام المستوطنون الاسرائيليون في فبراير عام 1994م بارتكاب مجزرة ضد المصلين العزل من المواطنين الفلسطينيين داخل الحرم الابراهيمي بمدينة الخليل بالضفة الغربية راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات الجرحى. وتحل ذكرى احراق المسجد الاقصى هذا العام في ظل تداعيات خطيرة وظروف بالغة الاهمية بعد أن حولت اسرائيل عملية السلام الى عملية حرب ضد الشعب الفلسطيني مستخدمة القوة العسكرية لحصاره وعزله وجعله رهينة داخل الضفة الغربية وقطاع غزة بعد ان ثار ابناء الشعب الفلسطيني واطفال الحجارة في وجه الجبروت الاسرائيلي معبرين بوضوح عن مرارة الاحباط بعد سنوات طويلة من الترقب وانتظار ما تؤدي اليه التسوية السياسية التي لم تحقق نتائج تذكر بسبب تعنت اسرائيل ومماطلتها وتراجعها عن تنفيذ التزاماتها. وقد انطلقت الانتفاضة الاخيرة بعد الزيارة الاستفزازية التي قام بها زعيم حزب الليكود أريل شارون على رأس مجموعة دينية متطرفة الى المسجد الاقصى الشريف. وتأتي هذه الذكرى واسرائيل مازالت تواصل خططها لتهويد القدس ومنع المسلمين من اداء شعائرهم الدينية مع مصادرة المزيد من الاراضي في المدينة وبناءالمزيد من المستوطنات فيها وحولها لتغيير الوضع الديمغرافي في القدس واستيلائها المتواصل على المؤسسات والمقار الفلسطينية واخرها احتلالها لبيت الشرق في القدس0 وكانت المملكة باعتبارها مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية ومنبع الاسلام والدولة التي خصها الله بخدمة الحرمين الشريفين في مقدمة الدول التي ادانت واستنكرت عملية احراق المسجد الاقصى ودعت الى عمل موحد لوقف تجاوزات الصهاينة في حق المقدسات الاسلامية في القدسالمحتلة. وتتواصل مواقف المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ال سعود وسمو ولي عهده الامين ازاء القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية في القدسالمحتلة وهي المواقف التي يسجلها التاريخ على مختلف الاصعدة. ففي اطار اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالمقدسات الاسلامية في القدس اصدر حفظه الله في عام 1992م توجيهاته الكريمة بان تتولى المملكة كافة نفقات اصلاح وترميم قبة الصخرة والمسجد الاقصى ومسجد الخليفة عمربن الخطاب رضي الله عنه. كما دعمت المملكة تمسك المواطنين العرب بأراضيهم ومقدساتهم ووقفت الى جانبهم تخفف عنهم وطأة الاجراءات التعسفية التي تمارسها السلطات الاسرائيلية ضدهم. واضطلعت المملكة بجهود دبلوماسية مكثفة على مختلف الاصعدة من أجل القدس وتعاونت في هذا الشأن مع الدول الاسلامية حتى صدر قرار مجلس الامن الدولي رقم 478 في عام 1980م والذي طالب جميع الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس بسحبها فورا وهو القرار الذي أجمعت مختلف الاوساط على اعتباره نصرا للدبلوماسية الاسلامية واحباطا لمخطط صهيوني تجاه مدينة القدس. وامتدادا للاهتمام والدعم المتواصل بقضية القدس الشريف واستمرارا للنهج الثابت لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في خدمة الاسلام والمسلمين فقد تبرع حفظه الله خلال أنعقاد المؤتمر الحادي والعشرين لوزراء خارجية الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي المنعقد في كراتشي في ابريل عام 1993م بمبلغ عشرة ملايين دولار لدعم صندوق القدس. وفي فبراير عام 1994م صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الى صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ورئيس اللجنة الشعبية لمساعدة مجاهدي فلسطين برعاية حملة تبرعات شعبية على مستوى جميع مناطق المملكة يخصص ريعها وايرادها لاغراض اعمار وانقاذ الاماكن الاسلامية في القدس الشريف. وفي مؤتمر القمة العربي الاستثنائي المنعقد في القاهرة في شهر اكتوبر من عام 2000 تبنى المؤتمر اقتراح المملكة العربية السعودية الذي أعلنه صاحب السمو الملكي الامير عبدالله ابن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني خلال المؤتمر بانشاء صندوقين برأسمال قدره مليار دولار من اجل المحافظة على الهوية العربية والاسلامية للقدس ولدعم انتفاضة الاقصى المباركة حيث ساهمت المملكة العربية السعودية بمبلغ 250 مليون دولار في هذين الصندوقين. كما تكفلت المملكة بدعم الف اسرة فلسطينية من اسر شهداء جرحى انتفاضة الاقصى. وفي التاسع من شهر اكتوبر من العام نفسه اصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ايده الله امره الكريم الى امراء المناطق بالمملكة لفتح باب التبرعات لصندوق القدس لابطال الانتفاضة في فلسطين انتفاضة القدس . كما ارسلت المملكة العربية السعودية بامر خادم الحرمين الشريفين الى الضفة الغربية وقطاع غزة متخصصين للمساهمة في علاج المصابين وتقديم المساعدات الطبية لهم واستقبلت مستشفيات المملكة ايضا المصابين الفلسطينيين من جراء الاعتداءات الاسرائيلية حيث نقلتهم للعلاج في المملكة طائرات الاخلاء الطبي السعودي. وتأتي مبادرة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني التي طرحها في مؤتمر القمة العربي في دورته العادية الرابعة عشرة في بيروت لاحلال السلام في منطقة الشرق الاوسط ضمن منظومة الجهود السعودية لخدمة قضايا الامتين العربية والاسلامية حيث اقرها المؤتمر واصبحت بذلك مبادرة عربية للسلام في الشرق الاوسط حيث دعا سموه الى انسحاب اسرائيل الكامل من جميع الاراضي العريبة المحتلة منذ عام 1967م تنفيذا لقراري مجلس الامن 242 و338 واللذين عززتهما قرارت مؤتمر مدريد عام 1991م ومبدأ الارض مقابل السلام والى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس وذلك مقابل قيام الدول العربية بانشاء علاقات طبيعية في اطار سلام شامل مع اسرائيل وعودة اللاجئين الفلسطينيين. وهكذا تتواصل مواقف المملكة الخيرة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو نائبه حفظهما الله في دعم قضية القدس حيث عبر خادم الحرمين الشريفين "حفظه الله" عن ذلك في احدى المناسبات الاسلامية بقوله: "ان قضية فلسطين ووضع الاراضي المحتلة وفي مقدمتها القدس مازالا يحتلان جل اهتمامنا ويستغرقان الكثير من جهودنا ومساعينا ". وبالرغم من قرارات المجتمع الدولي ودعوات الامة العربية الى السلام مازالت اسرائيل تمارس غطرستها واعمالها الاجرامية على مرأى ومسمع من العالم غير عابئة بعواقب تلك الاعمال الاجرامية التي تقترفها تجاه ابناء الشعب الفلسطيني وارضه ليلا ونهارا.