تنظم دارة الملك عبدالعزيز خلال هذه الأيام ندوةً علميةً عنوانها ) المملكة العربية السعودية وفلسطين ( تشتمل هذه الندوة وتعالج من خلال عدة محاور علاقات المملكة العربية السعودية وأبعاد صلاتها الدينية والعربية والإستراتيجية بفلسطين كما تأتي هذه الندوة لتشكل دعماً مهماً لانتفاضة القدس ولأبطالها الميامين خصوصاً في هذه الظروف العسيرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في الداخل. والواقع أن دعم المملكة العربية السعودية لهذه القضية قد بدأ قديماً منذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز آل سعود الذي وضع مرتكزات لسياسة المملكة الخارجية تنبع من انتمائها العربي والإسلامي وتنطلق من نهجها الثابت وموقفها الدائم في نصرة المستضعفين والأشقاء والمسلمين في كل مكان على أن دعم المملكة للقضية الفلسطينية لم يقف عند حدود معينة حيث كانت على الدوام في طليعة الدول التي دعمت صمود الشعب الفلسطيني ووقفت في وجه المخططات الإسرائيلية والصهيونية الرامية لتوسيع الاستيطان وتهويد القدس الإسلامية واغتصاب الأرض في فلسطين ويسجل التاريخ مواقف خالدة للملك عبدالعزيز في المحافل الدولية تؤكدها مراسلاته إلى قادة العالم الإسلامي والغربي على حد سواء في هذا الخصوص ؛ يعزز ذلك مباحثاته المستمرة مع قادة الدول لبحث هذه القضية مؤكداً أن ما يفعله في هذا الصدد ليس حباً في فلسطين فقط وإنما هو واجب يمليه عليه الدين الإسلامي الحنيف ؛ يقول يرحمه الله «ولست أخدم هذه القضية حباً في فلسطين فحسب بل بدافع الإيمان بالدين الحنيف فضلاً عن أن هذه القضية هي قضية العرب كلهم. وقد استمر هذا الموقف الذي أرسى دعائمه الملك عبدالعزيز ليستمر الدعم السعودي لقضية فلسطين في مختلف المجالات وظل هذا العمل نهجاً ثابتاً سار عليه أبناؤه من بعده. حيث ظلت هذه القضية حاضرةً في أذهان القادة السعوديين تباعاً فلم تدخر المملكة وسعاً في جهادها ودعمها لهذه القضية المقدسة فأثمرت جهودها عن إنشاء لجنة القدس المنبثقة عن منظمة العمل الإسلامي التي تبنت مقاومة سياسة التهويد وضرورة المحافظة على الطابع العربي والاسلامي للقدس ودعم جهاد الشعب الفلسطيني في القدس وفي بقية الأراضي العربية المحتلة. واهتمام المملكة بقضية القدس يعود لأسباب كثيرة منها ارتباط هذه البلاد وكونها معراجاً للنبي صلى الله عليه وسلم للسموات العلى ومنها اتخاذه صلى الله عليه وسلم بيت المقدس قبلةً له في الصلاة منذ البعثة ففي الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب قال )لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة نزل على أجداده وأخواله الأنصار وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت( . ومن هنا اعتبرت المملكة أن هذه القضية هي قضيتها فجندت طاقاتها وعلاقاتها ووزنها وثقلها الحضاري والاقتصادي والعلمي لخدمة هذه القضية. ومنذ الأيام الأولى التي دارت فيها رحى المواجهة الحادة لشباب الانتفاضة الفلسطينية مع الصهاينة المغتصبين نادت المملكة لتعزيز الدعم وتأكيد استمراره فصدر الأمر السامي الكريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رقم )8636( وتاريخ 18/7/1421ه لتشكيل لجنة عليا لدعم انتفاضة القدس وقام العلماء في المملكة بإصدار الفتاوى وتوجيه الناس لدعم هذه القضية وأضحى لهذا النداء أثر كبير في زيادة الدعم المقدم لانتفاضة القدس بمختلف أنواعه كما قام التجار ورجال المال لتقدم النصرة وواجب الدعم وتفاعل المجتمع بشكل كبير وملحوظ ساهم فيه جميع أفراده بكل طاقاتهم وقدراتهم، الأمر الذي مكّن اللجنة المشرفة من مساعدة عدد كبير من أسر الشهداء الذين فقدوا معيلهم في هذه الانتفاضة بعد أن تم حصرهم ودراسة أوضاعهم واحتياجاتهم كما تم تقديم الدعم لأسر الأسرى المعتقلين من قبل السلطات الإسرائيلية فضلاً عن ذلك فقد تم مساعدة مئات الجرحى من ذوي العاهات المستديمة الذين استهدفتهم القوات الظالمة وأصبحوا غير قادرين على إعالة أنفسهم وأسرهم ؛ كما توجهت الجهود لمساعدة الجرحى الذين يتلقون علاجهم بمستشفيات المملكة ومساعدة الجمعيات الخيرية في داخل فلسطينالمحتلة بما يعينها ويمكنها من أداء عملها وتحقيق أهدافها ومقاصدها واستمرت هذه الجهود لتشمل مساعدة دور الأيتام ومساعدة ذوي المساكن المهدمة والمزارع التي تم جرفها ظلماً وعدواناً على أن هذه اللجنة مازالت تستمر في أداء عملها ودورها في تقديم المساعدات للمحتاجين مباشرةً وإلى تفعيل هذه القضية في أوساط المجتمع السعودي بمختلف فئاته عبر الوسائل الإعلامية المختلفة انطلاقاً من نهج المملكة الثابت في دعم هذه القضية وتبنيها . وفي تصوري أن هذه الندوة تعتبر بحق إضافةً حقيقيةً للجهود التي ظلت تبذلها المملكة في مختلف الجوانب لدعم قضية القدس والدفاع عنها؛ فضلاً عن ذلك فإنها تعتبر تسجيلاً للموقف السعودي المشرق وتوثيقاً للدور الذي تحظى به قضية فلسطين في منهج السياسة السعودية . مدير المكتب التنفيذي للهيئة العليا لجمع التبرعات لمسلمي البوسنة والهرسك.